في غزة .. طفولة ضائعة على مفترقات الطرق!

عندما يهضم حق الطفولة، وتضيع الأحلام في الطرقات وبين السيارات، لتصبح أقصاها توفير لقمة عيش اليوم لتسد رمق أفواه  جائعة، أو توفير حق علاج أو حتى إيجار بيت، وما بين ليلة وضحاها يشيب الأطفال في حضن الشارع بعيدًا عن الأسرة، يكبر الطفل وهو لم يكبر.

يبيع حلوى، يبيع ورق، ينظف زجاج السيارة، يلحق بك طوال الطريق، يدعو لك، ويطلب عونًا، أو يلح عليك بالشراء، يقف على شباك السيارة، ويعيد الكرة رجاءً وإلحاحاً، أكبر فرحاته وهو يتلقى أعطية، تتفحصه عيون امتعاضية بازدراء، أو عيون تعاطفية بإشفاق، وجلها يتساءل عن دور المسئولين من هذا، وأين الأطفال من الحياة؛ فما كان لـ "الرأي"  إلا أن تسلط الضوء على تلك الظاهرة .

الأزمات تتفاقم

مسئولة الأسرة والطفولة في وزارة الشئون الاجتماعية إيمان عدوان أكدت  أن مستوى خط الفقر في تزايد مستمر، نظرًا للأوضاع الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، بعد مروره بثلاث حروب متتالية قضت على الأخضر واليابس فيه .

ولفتت عدوان الى أن تدمير المصانع التجارية ، وتجريف الاراضى الزراعية ، وغيرها من المقومات الاساسية والضرورية للحياة الكريمة ، الى جانب طول مدة الحصار وانقطاع رواتب الموظفين ، جميعها تفاقم من الوضع الراهن للقابعين فى القطاع الصامد

وقالت عدوان: "عمالة الأطفال ظاهرة منتشرة كثيرًا، وهي عادة عند كثير من الناس، فهناك بعض الأسر لهؤلاء الأطفال تتلقى مساعدات بقيمة 1800 شيكل كحد أقصى، أو 700 شيكل كحد أدنى كل ثلاثة شهور".

وأضافت " قلة إمكانيات الوزراة يحول دون تغطية نفقات جميع من يحتاجون الى المساعدة، كما أن المبلغ المدفوع للأسر التى تستفيد من ذلك المبلغ لا تفى باحتياجات الاسرة خاصة أذا كان الشخص مستأجر ".

وتابعت: "هذه الظاهرة تتطلب تكاتف جهود الوزارات في الحكومة، إضافة إلى المؤسسات الأهلية المدعومة من الخارج للتقليل منها".

مشروع تجريبي

كما تطرقت  عدوان إلى التعريف  بمركز الحماية للأطفال الذي أنشأته وزارة الشئون الاجتماعية بالشراكة مع قرى الأطفال (SOS)، وكان قد تمّ تجهيز المركز منذ بداية العام، واستقبل الأطفال من مطلع شهر أغسطس الماضي، ويستقبل الذكور من سن سنتين إلى 12 سنة، والإناث من سن سنتين إلى 14 سنة، وبعد السن المحدد يتم إعادة دمج الأطفال مع عائلاتهم وذويهم، وتقديم مساعدات للأهل من خلال بعض المشاريع أو الدعم الاقتصادي.

وأكدت أن المركز يستهدف أطفال ضحايا التفكك الأسري بالدرجة الأولى، ولا تستطيع أسرهم إعالتهم، ولا يستهدف عمالة الأطفال بسبب قوته الاستيعابية التي تسمح لخمسون شخصًا فقط، وهو في الوقت ذاته مشروع تجريبي لمدة سنة".

وأشارت أن "المركز يقدم أيضاً خدمات الإيواء بأشكالها كافة؛ من مأكل ومشرب ومسكن، هذا إضافة إلى الأنشطة الترفيهية والألعاب، وأنشطة الإرشاد والدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير مختصين تربويين ونفسيين واجتماعين، وحتى تأمين مواصلات لنقل الأطفال إلى مدارسهم سواء تابعة للحكومة أو لوكالة الغوث".

وأكدت أن الهدف من ذلك هو الحفاظ  على الأطفال من الضياع، وممارسة حياتهم الطبيعية، فحياة الأطفال كلها ما بين لهو ولعب ومرح، والمجهودات في هذا الجانب لم تنفذ.

طفولة تائهة

بدوره ، بين خبير الصحة النفسية د. جميل الطهراوي تأثير ذلك على  نفسيات الأطفال، ودوره  في حياته، وكيف يؤثر على سلوكياته، مرجعا  عمالة الأطفال إلى أسباب حقيقية وأخرى وهمية .

 وقال الطهراوي : "بالتأكيد أن الأسباب الحقيقية تعود إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وأما الأسباب غير الحقيقية تكمن في ثقافة بعض الناس أن عمل الأطفال وسيلة للكسب والربح المادي، أو تكون الأنانية هي سيدة الموقف، فهناك أسر هي بغنى عن كل هذا، كما أنها تملك حسابات بنكية، وتدع أطفالها تبيع في الشوارع بسبب فكرة أو فلسفة في الحياة".

وأضاف  "لا شك أن العمل هو شيء سلبي للطفل الصغير، فالطفل معروف باللعب واللهو، والعمل يحرمه من هذه الأشياء، ويدفع به في كثير من الأحيان إلى السلوكيات الخاطئة".

وطالب الطهراوي تطبيق الناحية القانونية، واتخاذ خطوات إجرائية واضحة ومحددة، وإقرار العقوبات، وإلزام الآباء بانتشال أبنائهم من وحل العمل، وإرجاعهم إلى مدارسهم، ولم يغفل الطهراوي عن الناحية الإرشادية كذلك، ودور الإعلام، والمسئولية الملقاة على عاتق المدرسة والمسجد لنشر الوعي بشكل أكبر.

في غزة كل المفاهيم والمصطلحات تختلف، فالطفولة في كل بلدان العالم تعني لعبة وفرح تلون الحياة في العيون الصغيرة، وفي غزة عليك التوجه إلى مفترق الجلاء أو السرايا أو في شوارع الجامعات لتعرف معنى الطفولة.

عدد الزوار 31787، أضيف بواسطة/ حسن عادل الفرا