...وظهر الوحش!

نابلس ٢٧-٩-٢٠١٥ جميل ضبابات

بين الاسطورة والواقع، فسر الفلسطينيون في التاريخ الحديث كثيرا من وقائع الليل الحالك التي تتكل بخسارات على انها نتيجة هجمات لوحش كاسر. مثلا اذا خسروا جزء من قطيع مواشي او فقدوا عزيزا، فذلك يحصل لأن الوحش هاجم.

هاجم بقوة! لكن هذا الوحش ظهر امس بكامل هيئته في وضح النهار هادئا ويتحرك بحرية.

تقع قرية دوما على بعد ٢٧ كيلو مترا الى الجنوب الشرقي من مركز نابلس، قرية شهدت حدثا كبيرا خلال الاسابيع الماضية، عندما أحرق ارهابيون يهود عائلة وقتلوا ثلاثة من أبنائها، الا ان القرية اليوم قد تكون بؤرة حديث آخر لتفسير ظهور حيوان كاسر قليلا ما شوهد في العقود الماضية في وضح النهار.

كان انور دوابشة المرشد البيئي وهو موظف ايضا في التربية والتعليم بجنوب نابلس، يقود مجموعة من الزوار الاجانب الذين وصلوا لزيارة برية القرية، عندما واجهوا 'الوحشان' وجها لوجه.

في المورث الشعبي الفلسطيني يطلق الوحش على الذئب او على السلعوة وهو الحيوان الناتج عن تزاوج الكلاب مع الذئاب. بالنسبة لدوابشة وآخرين يراقبون الحياة البرية هذا حدث نادر.

وهو حدث كبير في اليوم الثالث من العيد كما يعده دوابشة.

من قبل سار الرجل فوق سلسلة الجبال والهضاب التي تطل على نهر الاردن ساعات طويلة، وشاهد حيوانات كثيرة، لكن اليوم الذي ظهر فيه ذئبان وصفهما 'كبيران وممتلئان هو اليوم الاكثر اثارة'. 'لا اريد ان اذكر المكان بالتحديد(...) انا اخاف عليهما الان، لكنهما في مكان ما في أطراف القرية' قال الرجل.

'سارا بهدوء وسلاسة. لم يخافا ابدا' اضاف.

وحسب سجلات جمعية الحياة البرية لم يسجل ظهور الذئب بشكل علني في وضح النهار داخل الضفة الغربية. والآن يقوم الفلسطينيون على حصر تفاصيل الحياة البرية الفلسطينية. خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة تم تسجيل ٢٠ نوعا من الثديات و٢٤ نوعا من الزواحف والبرمائيات و١٦٦ نوعا من النباتات و٢٠٧ من الطيور. وتتسمر هذه العملية لسنوات طويلة.

لكن بالنسبة للذئب يسجل لأول مرة. يقول رئيس الجمعية عماد الاطرش: 'إن عدد الذئاب في فلسطين لا يتجاوز ١٥٠ ذئبا. ومن صفات الذئب انه يعيش في قطعان. وقد يكون قائد القطيع ذكرا او انثى.

في أطراف دوما شوهد فقط شوهد هذان الوحشان الذئبان. وليس معلوما اذا كان هناك قطيع يختبئ في كهوف مجاورة، لكن دوابشة قدر ان الذئبان يعيشان في احد الكهوف القريبة.

تنتشر في الارض الفلسطينية اصناف مختلفة من الحيوانات البرية. وفي الآونة الاخيرة صدرت قرارات رسمية وارتفعت اصوات كثيرة تدعو للتوقف عن ملاحقة تلك الحيوانات وقتلها مثل الغزلان الجبلية والضباع. في دوما ذاتها قتل السكان اكثر من ضبع خلال العام المنصرم. قال دوابشة' اخشى على الذئبين من القتل. لا بد من عمل شيء لحمايتهما'.

قبل عقود قليلة مضت لم يكن هذا الحديث مقبولا لدى عامة الفلسطينيين. فالوحش الذي يعيش في مخيلاتهم بأنيابه الحادة قد يفتك في اي لحظة بمواشيهم. قال دوابشة' الوحش مادة دسمة لكثير من القصص في الريف'.

وحسب المعلومات التي تصدر عن جمعية الحياة البرية الفلسطينية التي تتخذ من مدينة بيت ساحور مقرا لها، فان الذئب حيوان قد يتواجد في اي مكان في الضفة الغربية. وهو غالبا لا يهاجم الانسان لكنه يفعل ذلك مع الحيوان.

ويبدى مراقبون في الجمعية خوفا كبيرا من تناقص الحيوانات البرية التي تكبر الارنب في حجمها بسبب عمليات القتل والصيد التي يرتكبها الفلسطينيون لأسباب كثيرة.

في فلسطين نحو (٨٠) نوعا من الحيوانات البرية. هذه قصة الوحش التي ظهر امس جنوب نابلس، واحدة من قصص رددها الفلسطينيون في الريف خلال عقود.. اكثر ما رددوا قصة اي نوع آخر، لكن هذه المرة مع صورة فوتوغرافية، وليس مع صورة في الخيال تتكرر في قصة ليلى والذئب. انها قصة: انور والذئب!.

عدد الزوار 27766، أضيف بواسطة/ حسن عادل الفرا