...

وداعا أم إلى اللقاء ؟!


محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

التفاصيل

بقلم/ محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

لطالما عاش الواحد منا فترات ما قصيرة كانت أو طويلة مع شخص ما أو في منطقة ما, و عندما جاء موعد المغادرة, بدأ يفكر طويلا هل أنا أغادرهم فلا أعود لهم ؟ أم أغادرهم على أمل في لقاء جديد ؟

فإن كانت الأولى كان الوداع شديد الحرارة, و لربما كان الوداع في حضور مكثف للبكاء و الدموع و الحرقة على فراق سيطول, بينما إن كانت الثانية فإنَّ الوداع يكون أقل حرارة و أكثر دعاء و أماني في أن تكون الفترة التي قضيناها  سويا جيدة و لم يسبب أحدنا الإساءة للأخر على اتفاق بلقاء جديد.

هذا هو حالنا مع عام هجري جديد, لا نعلم هل نحن نودعه فلا نلتقي به مجددا أم نودعه على أن نلتقي به بعد 355 يوما !! و غالب الظن أن لقاءه مجددا أمر لا نعلمه و لا يمكن لنا أن نجزم به, لذا فإن قواعد و قوانين الحياة التي نعيشها, يفرض علينا وداعا حارا جدا, وداعا نسكب فيه العبرات, و نرجو فيه كل رجاء, أن نكون من الذين عاشروا هذا العام بكل خير و مودة و محبة, فلم يجتمعوا به إلا لعمل خير أو صلاة أو ذكر أو تصدق أو سعي في الخيرات, فلا شك أن الإنسان ما هو إلا ذكرى, و على الإنسان العاقل أن يحسن لذكراه.

ها هو العام الهجري يمضي و بعد أيام يمضي العام الميلادي, و العجيب أنهما يمضيان وسط فرحة عارمة, و أفراح و احتفالات و حلوى, بل و مع وجود إجازات تعطل فيها المصالح و الأعمال, و كأن في فراقهم غنيمة كبيرة أو انتصار ظاهر لنا, فيحتفل الجميع بالفراق دون  تركيز  أو فهم لحقيقة الواقع المرير أننا نفقد بذلك عاما جديدا من تلك الأعوام التي منحها الله لنا قبل أن يخلق الله السموات و الأرض بسبعين ألف سنة, فرصة جديدة تضيع و لا نعلم هل هي الفرصة قبل الأخيرة, أم هناك فرص أخرى في الانتظار.

فيا أحبتي … فيا نفسي … فيا أخوتي و أخواتي بالله عليكم هل نحن نتعامل كما يليق مع هذا الحدث ؟! و هل من المعقول أن يشعر بالسعادة من تضيع منه الفرص الواحدة تلو الآخرة ؟

ثم ما الحال إذا علمنا أنَّ عامنا الذي فارقنا, يرفع بأعمالنا إلى ربنا فمنا من كان من الشاكرين و منا من كان من المسيئين, و منا من كان من الشاكرين الطائعين و لكنهم خائفين ألا تقبل ؟! فكيف بالله عليكم نفرح و نبتهج بفراقه و نحن لا نعلم ما طبيعة المنقلب الذي سننقلب له بعد هذا الفراق.

أحبتي … فراق الأعوام و الأيام لا يمكن أن يمر على العاقل إلا  و هو خائف وجل, إن كان محسنا, فهو خائف ألا تقبل, و إن كان مسيئـا فهو خائف من غضب ربه.

و في الختام استودعكم الله.