...

مسلم بالبطاقة الشخصية


يحيى نافع يونس الفرا

رئيس نيابة

التفاصيل

 

مسلم بالبطاقة الشخصية

                                                    بقلم الأستاذ/ يحيى نافع الفرا

لعل الناظر لهذا العنوان يتساءل عن سبب اختيار هذا الاسم  ليكون مقالاً مطروحاً للجميع تحت هذه التسمية خاصة أننا والحمد لله كلنا مسلمون مسالمون ونعبد الله حق عبادته وتعلمنا أركان هذا الدين الأساسية التي يتعلمها الأطفال منذ بدايات تعليمهم من البستان وحتى الروضة والصف الأول الأساسي ، والجميع يعرف أركان الإسلام الخمسة وما إلى ذلك من أسس العبادات التي يجب أن نتعلمها حتى تكون العبادة على قناعة وإتقان وليس مجرد عادة اكتسبها الإنسان بالفطرة لأنه رأى والديه يصلون ويصومون ويزكون وينطقون الشهادتين ويحجون بيت الله الحرام ، ولكن يجب أن تكون هذه العادة مثقلة بالعلم والمعرفة الدينية لأن تعلم العلوم الشرعية فرض عين على كل مسلم ومسلمة ليس كما هو حال العلوم الأخرى التي تعتبر فرض كفاية وأنه من الممكن أن يكون بيننا المعلم والطبيب والمهندس والمحامي .....الخ .

ولكن يجب أن يكون عارفاً ومتعلماً للعلوم الشرعية الحد اللازم الذي يجعله مقتنعاً بالعبادة وأن يكون قادراً على الدفاع عن هذا الدين وأن يكون داعياً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .

ومن بين هذه العلوم التي يجب على كل مسلم أن يتعلمها علم التجويد والتلاوة لأن قراءة القرآن الكريم واجب على كل مسلم أن يقرأ في اليوم والليلة ورد من القرآن علاوة على الحرص الشديد على حفظ القرآن أو جزءً منه على حسب القدرات العقلية والذهنية لكل مسلم ومسلمة .

والذي دعاني أن أخط هذا الموضوع موقفاً حدثني به أحد الزملاء بأنه دار حديثاً بينه وبين شخص وطلب منه أن يقرأ له سورة الإخلاص فسكت برهة ولم ينطق أي حرفاً فكرر عليه الطلب مرة أخرى وإذ بشخص ثالث وهو متعلم ويحمل شهادة جامعية بتخصص مرموق ويعمل في مجال محترم وله علاقة بالأمور الشرعية فتدخل وليته ما تدخل وقال لا تعرف سورة الإخلاص وواصل حديثه قائلاً .." سورة الإخلاص قل أعوذ برب الناس ،ملك الناس ، ...." فانتبه الزميل ولم يصدق ما يحدث فطلب من ذلك الشخص أن يعيد ما قاله وكرر ذلك عدة مرات بثقة وتصميم وكأنه متيقن بصحة ما يقوله ، وخشية من الإحراج لم ينبهه الزميل والصدمة كانت كبيرة مما جعله غير واعي لأي تصرف أو رد على هذه الطامة والصاعقة التي نزلت عليه اقوى من صاروخ موجه في وسط الرأس ، وأطلق على ذلك الموقف المثل القائل " شر البلية ما يضحك " والمثل الآخر "هم يبكي وهم يضحك" .

فكنت مزهولاً مما أسمع خاصة من شخص متعلم وبتخصصه مساقات دينية متعددة وحتى لو أنه درس في فرنسا أو بريطانيا أو الصين وغيرها من الدول التي لا تعرف شيء عن الأمور الشرعية وعن الدين الإسلامي لا عذر له في ذلك كونه مسلم وأن ما أخطأ به هو سورة من سور القرآن الكريم التي يتعلمها الأطفال في البستان والتمهيدي وليس في المرحلة الأساسية .

وفور سماع هذا الموقف ورد لذهني جملة مسلم بالهوية أي بالبطاقة الشخصية ، لأن ظاهر الأمر يوحي بأنه لا يصلي لأن الذي يصلي الحد الأدنى أن يكون حافظاً شيء من صغار السور فهو لا يفرق ما بين الإخلاص والناس ، شعرت بإحباط ويأس من جيل يقال عنه متعلم ومتحضر ومتطور وهم من يصفون أنفسهم بالتطور وجيل التكنولوجيا والحياة العصرية وتجد منهم يعيب على بعض من الشباب الملتزم والمحافظ ويصفوهم بالتخلف والرجعية ونسوا بأنهم هم أساس الجهل والتخلف وهم من أسباب تأخر النصر والاستقلال .

أتمنى أن لا يكون من ذلك النموذج الكثير كما وأتمنى أن يكون نموذجاً واحداً ليس له مثيل أو شبيه ، لأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بشرنا بقوله " الخير فيا وفي أمتي ليوم الدين " . ومما يعزينا في مصيبتنا أن بيننا أشبال وشباب حافظون لكتاب الله عن ظهر قلب ويرفعون الرأس في كل الميادين والمناسبات واللقاءات فهذا عزاؤنا وهم مفخرة للإسلام والمسلمين .