...

هدف واحد..فريق واحد


محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

التفاصيل

هدف واحد ..... فريق واحد

بقلم / محمود رفيق الفرا


كثيرًا ما نتعرض في الحياة الدراسية و الأكاديمية إلى مشاكل منها ما هو تقني و منها ما هو سلوكي فتتكاتف الأيادي و مع التفكير و البحث في دراسات من سبقونا نجد لها حلاً و نتقدم معا إلى مرحلة متقدمة في العمل و نرفع من المستوى العام للمؤسسة التي نعمل بها.
و لكن رغم ذلك فإننا قليلا ما نقلنا هذا الأسلوب إلى حياتنا العملية و استفدنا منه في حل مشاكلنا اليومية.
قد يقول القارئ العزيز أنني اليوم آتيكم بمقال فلسفي أفلاطوني و أنا أقول له مُطَمئِنا له بل آتيكم بمقال واقعي إذا ما أخذنا منه العبرة و الخلاصة رأينا أن مشاكل كثيرة من حولنا ستجد طريقها للحل بشكل أسهل مما نتخيل.

في ختام الأسبوع الماضي كنت أشارك في ورشة عمل تحت عنوان "عمل الفريق ... مهارة نحتاجها جميعا" نظمته كلية الهندسة بجامعة فلسطين و بعدما قدمت المادة العلمية الخاصة بي وجدت نفسي أفكر في مشاكلنا اليومية خاصة مع بزوغ مشكلة حجيج الرحمن و من قبلها مشاكل عائلتنا التي تدور و تتمركز حول الخلافات الدائمة ين الأطراف المختلفة و كيف أن حل هذه المشاكل نمتلكه بين جنباتنا بل و أدَرِّسه للطلاب و الدارسين في الجامعات المختلفة و أنا غير قادر على تسخيره لحياتي العملية و من هنا كانت الفكرة لهذا المقال.

حتى تتضح الصورة دعوني أقدم لكم شيئا من المادة التي قدمتها خلال ورشة العمل و يها أن الحياة العملية كثيرا ما تشهد وجود أكثر من طرف يجمعهم التطلع لتحقيق هدف معين و في نفس الوقت فإن كل طرف من هذه الأطراف له أهداف ذاتية يتطلع لتحقيقها , و الأسلوب المتبع لكي يتحقق النجاح في هذه الحالة هو أن تتحد الأطراف المختلفة سويا و يجمعون قواهم معًا ليتحقق الهدف الذي يسعون له و بذلك تكون المصلحة العامة قد تحققت و من خلالها تكون المصلحة الشخصية تحققت أيضًا لكل طرف من الأطراف.
هذا النجاح لا يتأتى بمجرد الاجتماع على طاولة واحدة يشربون عليها الشاي و شيء من القهوة و يكتبون بعض الكلمات على الأوراق البيضاء التي توزع عليهم , بالتأكيد لا ...

فالنجاح يرافق فريق العمل الذي تجتمع فيه مجموعة من الشروط أبرزها التعاون على تحقيق الأهداف , تغليب مصلحة الفريق على مصلحة الفرد الشخصية, مساعدة عضو الفريق الذي يعاني من مشاكل أو نقص ...
هذه الشروط إذا ما اجتمعت في فريق عمل كان هذا الفريق مؤهل بقوة لتحقيق النجاح , و من هنا نبدأ الانطلاقة الحقيقة نحو الخروج من مشاكلنا و أزماتنا سواء على مستوى المجتمع الإسلامي أو الوطن أو مستوى العائلة و هذه مجتمعات كلنا نعلم علم اليقين أنها تعوم في بحر من المشاكل.

فمشاكلنا هذه كلها تنتهي بتوحد الصفوف و العمل فيما بيننا كفريق واحد نساعد فيه بعضنا البعض و نكمل بعضنا البعض فنصبح كفريق واحد كأننا شخص واحد كامل و ليس ببعيد عنا الحث الدائم و المتكرر في كتاب ربنا و في سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم على التجمع و العمل في مجموعات فكان يوم الجمعة و صلاة الجمعة و فيها يجتمع المسلمون لهدف واحد في محبة و سكينة , و كانت صلوات الأعياد و صلوات الجنائز و كلها مظاهر من مظاهر العمل المشترك و التعاون المشترك.
و ما كان هذا إلا ترجمة لآيات بينات من الذكر الحكيم كقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله ...) و قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص ....) و هناك الكثير و الكثير من هذه الآيات و الأحاديث ...
و لربما أصبحت الرسالة واضحة , و والله لن تعود البلاد و لن تحرر رقاب العباد إلا بالعودة إلى هذا النهج الرباني الداعي إلى العمل الجماعي و إلى تغليب روح الجماعة و مصلحة الجماعة على المصالح الشخصية و أن انبذ حب الذات و لهذا دعونا نختم مقالنا بقصة الثيران الثلاث و الأسد, هل تعلموها ؟ العلم بالشيء ليس المقصد في ذاته بل العمل به هو الهدف و المقصد.
حيث يحكى أنه كان هناك ثلاث ثيران الأبيض و الأسود و الأحمر , أقواهم الأبيض و أضعفهم الأحمر , إلا أنهم كانوا متعاونون يلعبون و يأكلون سويا و يبحثون عن الأكل و الفرائس سويًا و حتى جاء الأسد ذات يوم و قد تملكه الجوع فنظر إلى الثيران و قال أهاجمهم فآكل منهم ما آكل , فهاجمهم فاجتمعوا سويًا و اتحدوا ضده ففر منهم , و بدأ يفكر كيف لي أن آكلهم ؟!
حتى وضع يده على مفتاح الحل و هو تفريقهم و إغراءهم بالمصالح الفردية , فذهب فنادى على الثورين الأحمر و الأسود و قال لهما أن الثور الأبيض هو أقواكم و هو يحاول أن يأكلكم و أن يأخذ السهل بمفرده و قال لهم اتركوه لي و أنا أخلصكم منه فيصبح السهل لكما انتم الاثنين فوافقا , فهاجمهم فتخلى الثورين الأحمر و الأسود عن أخوهم الأبيض فغار عليه الأسد و أكله , ثم عاد بعد فترة و فعل مع الثور الأسود مع ما فعله مع الأبيض و أخيرا لم يبق في السهل إلا الثور الأحمر فهاجمه الأسد و قال له و الان لم يبق أمامي إلا أنت و لم يبق لك أحد , فقال عندها الثور الأحمر : (أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض) , فأدرك الثور الأحمر أنه عندما تخلى عن أخيه الثور الأبيض كان كمن قتل نفسه ...

فالجماعة الجماعة بارك الله فيكم ... الجماعة و الاجتماع على الخير و المعروف و على ما أمر به الله و رسوله فبهذا فقط تعود البلاد لأصحابها و تعود العزة للرقاب و أصحابها.