...

اكسروا وراءه زيراً وحاكموه....


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

صفحة جديدة 1

اكسروا وراءه زيراً وحاكموه....

 

بقلم/ أبو يسار

 

غير مأسوف عليه سيغادر مجرم الحرب الشرير بوش البيت الأسود خلال شهر من الآن، ولكن المؤسف أن يتمكن قاتل الأطفال هذا من الإفلات من يد العدالة دون محاكمة كأي مجرم حرب، وهذا ما سيضع مصداقية أمريكا كدولة زاعمة بأنها راعية للديمقراطية والعدالة أمام الاختبار، ورغم قناعتي الشخصية بأن أمريكا لم تُمثل يوماً منذ نشأتها أي دور راع للحرية أو العدالة أو الديمقراطية كونها تأست أصلاً من خلال غزاة أوروبيون أشرار جاؤوا من ايرلندا وألمانيا واسبانيا وأسسوا هذه الإمبراطورية بعد أن قتلوا سكان البلاد وأبادوهم جماعياً ليحلوا محلهم. إلا أن هناك بصيص أمل يلوح في الأفق بعد انتخاب باراك اوباما الأسود رئيساً للبلاد، فهل يُقدم أوباما على خطوة تجعل كل شعوب العالم تعيد النظر في موقفها المعادي وبشدة للولايات المتحدة الأمريكية جراء سياسات بوش الخرقاء والعنجهية والعدوانية تحرم هذا المجرم من الإفلات من يد العدالة.

هذا المجرم الذي لا يزال مُصراً على ما ارتكبه من جرائم عديدة في هذا العالم.

قال الشرير جورج بوش في خطابه الشهري الأخير الذي وجهه إلى الأمة الأمريكية عبر الإذاعة إنه يغادر البيت الأسود وهو فخور مرفوع الرأس، وقال أيضاً أنه إتخذ خلال فترة ولايته قرارات صعبة وعسيرة، سيترك للتاريخ الحكم عليها، وألقى باللوم على أجهزة مخابراته لأنها زودته بمعلومات خاطئة عن العراق قبل أن يتخذ قرار الغزو المغولي لها، وقال أنه ما كان ليتخذ مثل هذا القرار لو كان يعرف أن العراق لا يمتلك مخزوناً من أسلحة الدمار الشامل، ثم استدرك وقال أنه غير نادم ( لأنه أرسى الديمقراطية في العراق وتخلص من ديكتاتور قتل الشعب العراقي وشرده واعتدى على جيرانه وكان مصدراً للتهديد الدائم لهم).

هكذا بكل قباحة ووقاحة يتحدث هذا المجرم عن جريمة العصر التي لم يكن لها سابقة في التاريخ الحديث، ليُعيدنا بالذاكرة إلى التاريخ البعيد عندما غزا التتار والمغول بغداد ليُغرقوها في ظلام التخلف والدمار والدم، واقعتان متشابهتان، إحداهما سجلها هولاكو، والأخرى سجلها هذا الكابوي المجرم جورج بوش، والواقعتان في بغداد قلعة الأسود وعاصمة الرشيد، هاتان الواقعتان تشكلان نفس المشهد الذي حصل بالأمس على يد هولاكو، واليوم على يد بوش وحدثت في ظروف متشابهة سياسياً حيث الضعف العربي والفُرقة والتشرذم، مع فارق واحد فقط يتمثل في عدم رضا الأمراء آنذاك عن غزو هولاكو لبغداد لشعورهم بالخطر على أماراتهم وممالكهم وعدم مشاركتهم ودعمهم لهولاكو، بينما دعم أمراء اليوم غزو بوش لبغداد بل وشارك بعضهم في عملية الغزو بشكل مباشر وغير مباشر، وهذا ليس موضوعنا.

فعل بوش في بغداد ما لم يفعله هولاكو، جاء هولاكو بهدف واضح ومُعلن هو احتلال بغداد لضمها لمملكته ولم يقل أنه غزاها لإرساء الديمقراطية وتحريرها من حكم ديكتاتوري، بينما جاءها المجرم بوش طامعاً في نفطها وثرواتها متعلَلاً بأكذوبة التحرير والديمقراطية؟!

ومن خلال ما قاله هذا المجرم، فإنه يريد التنصل من مسئولية الحرب الظالم على العراق وتحميلها لجهاز مخابراته التي ضللته بمعلومات خاطئة وكاذبة عن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وربما إنه استشعر أن يُطالب أحد بمحاكمته بعد انتهاء ولايته خصوصاً في ظل الكارثة الاقتصادية التي سيخلفها وراءه ويتحمل أثارها الشعب الأمريكي الذي ارتفعت نسبة البطالة بين صفوفه إلى 15% ولا زالت في تصاعد، ففي الشهر الجاري فقد 500 ألف موظف وظائفهم لينضموا إلى صفوف العاطلين عن العمل، وباتت أكبر ثلاث شركات في العالم لصناعة السيارات وهي فورد وكرايسلر وجنرال موتورز باتت عرضة للإفلاس، ناهيك عن مقدار الديون والعجز الذي تحملته الخزانة الأمريكية (تحدثنا عنه في مقال سابق) جراء السياسة الخرقاء التي مارسها بوش.

لقد تدنت شعبية هذا المجرم في شهوره الأخيرة في البيت الأسود (والذي سيظل أسود طالما لم يُحاكم بوش) إلى أدنى مستوياتها حيث تنازلت إلى 18%، وهذا مؤشر لإدراك الشعب الأمريكي لحجم الضرر الذي يُلحقه أول رئيس أمريكي بشعبه وبلاده.

إن ما سيورثه المجرم بوش للديمقراطي باراك أوباما من مشاكل سياسية وعسكرية تتمثل في حربين شاملتين موحلتين في العراق وأفغانستان، واقتصادية معقدة تهدد بالبطالة والإفلاس وما يلحق بها من ديون وعجز في الميزانية العامة، يضاف لذلك عداء شعوب العالم لأمريكا والأمريكان، يجب أن يحث أوباما أو أي سيناتور من مجلس النواب أو مجلس الشيوخ لديه ضمير أن يصرخ عالياً مطالباً بمحاكمة بوش كمجرم حرب.

ورغم أن هذا الأمل يشبه السراب فإني أتساءل عن دور ما يسمى بمنظمات حقوق الإنسان التي ما فتئت تتبارى في النباح متباكية ومدافعة عن حقوق الإنسان المعذب في دارفو وزيمبابوي والكونغو وإيران وسوريا وفنزويلا والمملكة السعودية وتونس ومصر، بينما لا تسمع أنين الأرامل والثكالى والأيتام في العراق وأفغانستان وباكستان ولبنان وفلسطين جراء القتل اليومي الذي تمارسه القوات الأمريكية بدم بارد، أين هذه المنظمات المدعية من كل ذلك؟ إنها منظمات وهمية يرتبط أشخاصها بأجهزة مخابرات بعينها على رأسها المخابرات المركزية الأمريكية، وتعتاش على آلام الفقراء من الثكالى والأيتام والمعذبون الموقوفون خلف القضبان دونما محاكمات في معسكرات الاعتقال الأمريكي السرية في برلين ووارسو وبوخارست وبراغ وكابل وكراتشي والقاهرة والدار البيضاء وغوانتنامو.

على من نراهن إذن ؟ على باراك أوباما ! أم على أي أمريكي صاحب ضمير؟ أم على أي حاكم عربي شرب حليب السباع يقف صارخاً نريد محاكمة بوش كمجرم حرب؟ هل تحول العالم إلى مزرعة فول سوداني للأمريكي؟      هل بات العرب وحكام العرب بلا نخوة؟ أحق بحاكم عربي يدعي أنه خادم الحرمين الشريفين أن يصرخ منادياً لمحاكمة بوش بدلاً من صراخه الفارغ المسمى بحوار الأديان ليتحمل عناء الحج إلى نيويورك لمثل هذا المؤتمر المُفرغ من أي مضمون ليصافح هناك قاتلنا وقاهرنا بوش، ويجلس على مائدة مع عُتاة الحاخامات أصحاب فتاوي ذبح العرب الفلسطينيين؟!

بالرغم من كل ذلك فلا زال بداخلي شعور أن هناك صاحب ضمير سيصرخ قريباً.. حاكموا هذا المجرم، حين ذاك ما أكثر الشهود.. شهود الإدانة.. من فلسطين ولبنان وسوريا ومصر والعراق والسعودية وباكستان وأفغانستان وأندونيسيا  وكوبا وفنزويلا والبيرو ويوغسلافيا.. وما ماتت قضية طالما أن هناك أصحاب ضمير وما من مجرم تمكن من الهرب إلا إلى حين.