...

تحية لأردوغان


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

Untitled 1

تحية لأردوغان
01-02-2009

بقلم القاضي علي الفرا
رئيس محكمة الإستئناف

تعرض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى حرب شرسه مدمرة نفذتها قوات الكيان الصهيوني من جانب واحد مستخدمة خلالها جميع أنواع الأسلحة المدمرة للبشر والحجر والشجر سواء المحرمه دوليا كالقنابل الفسفورية والعنقودية وغيرها أو التقليدية منها مستهدفة بذلك القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ككل ولم يكن الإستهداف لفصيل بعينه أو لجماعه معينه.

وقد بدى ذلك واضحا منذ اللحظات الأولى للقصف الجوي الذي نفذته طائرات الكيان في السابع والعشرين من ديسمبر الماضي والذي إستهدف المقرات الأمنية والمؤسسات والوزارات والمنازل والعمارات. واستمر الكيان في طغيانه في حربه الجوية والبرية والبحرية مستهدفا المدنيين العزل لتسجد بيوتهم على رؤوسهم.

ولم تستثني تلك الحرب لا طفلا ولا إمرأة ولا شيخا ولا شابا ولا مقاوما ولا مدنيا بل طالت حتى البهائم, وقد إستمرت تلك الحرب -التي لم يعرف شعبنا شبيها لها في تاريخ الحروب التي شنت عليه منذ وعد بلفور المشئوم وحتى تاريخه- إستمرت على مدار اثنين وعشرين يوما وهذا الشعب الأبي العصي على الكسر صامد ثابت لا تلين له قناة. ومقاومة وطنية وإسلامية من كافة الفصائل متصدية لهذا العدو الشرس المتغطرس بما لديها من إمكانيات قتالية متواضعه لتستطيع أن تضع في النهاية صمودا اسطوريا لم يعرف له التاريخ مثيلا .

ثم يعلن الكيان الصهيوني وقف اطلاق النار من جانب واحد
-بناء على تعليمات الإدارة الأمريكية الجديدة لأنهم لا يريدون أن تغطى شاشات التلفزة ببقع الدم يوم تنصيب باراك حسين أوباما ,, حسب ما ذكره هيكل ضمن وثائقه- ليمنى بذلك بفشل عسكري ذريع فلم يستطيع بكل جبروته وطغيانه وأسلحته المدمرة أن يكسر إرادة الشعب المتشبث بأرضه ووجوده لآخر رمق, وكذلك فشل سياسي على مستوى العاالم بأسره رغم أن تلك الآلة العسكرية خلفت أكثر من سبعة آلاف شهيد وجريح نصفهم من الأطفال والنساء وأكثر من عشرين ألف بنايه ودمار تكاد لا تصدقه العين.

أقول ليس هذا موضوع مقالتي ولكن انساب القلم مني ليكتب تلك المقدمه لأن
الكتابة عن حرب غزة وصمود أهل غزة يحتاج لمجلدات لا لكلمات قليلة. ما أردت الوصول إليه هو الموقف الرجولي للرجل المسلم الذي يعرف متى يتخذ الموقف الصحيح.. موقف رئيس وزراء تركيا السيد/ رجب الطيب أردوغان هذا الرجل الذي تنطبق عليه صفة الرجولة بكل معاني الكلمة.. هذا الرجل الذي وقف في بداية العدوان على غزة ليعلن إدانته واستنكاره للعدوان مستهجنا موقف رئيس وزراء العدو الصهيوني المدعو أولمرت والذي كان في زيارة لتركيا قبل العدوان للبحث في حل سلمي من دولة الكيان وسوريا, ثم يبدي كل دعم وتأييد للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومقاومته الباسلة ويحاول بكل ما أوتي من قوة البحث في كيفية وقف المجزرة التي كان يتعرض لها قطاع غزة طوال فترة الحرب..وتنطلق المظاهرات المؤيده لأبناء قطاع غزة والمستنكرة لحرب الإبادة التي كان يتعرض لها القطاع.

ثم يقف هذا الرجل مرة أخرى ليتوج تاريخه بموقف رجولي آخر في مؤتمر دافوس الأإقتصادي والذي بحث الاوضاع في قطاع غزة ولما تعرض رئيس دولة الكيان الصهيوني شمعون بيريس مبررا تلك الجرائم الإنسانية التي إرتكبتها عصاباته في قطاع غزة. ولما رفض مدير الحوار اعطاء الحق للسيد / أردوغان للرد أعلن مباشرة ومن على المنصة أنه لا يمكنه الاستمرار في الجلسة مقررا الإنسحاب منها احتجاجا على أقوال بيريس وعدم السماح له بالرد ومعلنا أيضا أنه لن يشارك مستقبلا في دافوس وقال:"أنا رئيس وزراء وليس شيخ قبيلة". ثم يعود لبلاده ليستقبل هناك إستقبال الأبطال لأنه دافع عن كرامة بلده ولم يقبل الإساءة لبلده ولو بالهمز أو باللمز.

هذا الرجل والذي لا يوجد في بلده كنيس واحد يستحق كل الإحترام والتقدير من كل الشرفاء والأحرار في أمتنا العربية ومن شعبنا الفلسطيني بشكل خاص.
ولكن هل يستفيد حكام العرب من موقف السيد/ أردوغان؟ وهل يستطيعوا أن يكونوا رجالا مثله ليتخذوا المواقف الرجولية في الأزمات التي يجب أن تكون تلك المواقف...ويعلموا أن الرجولة موقف؟ وهل يمكن لهم ألا ينقادوا لشقراء البيت الأاسود كما كانوا منقادين لسودائه من قبل؟ أما آن لهم أن يعلموا أن العدل لقضيتنا ليس في أمريكا والتي لا تعرف ما هو العدل وما هي العدالة ولو كانت تعرف ذلك ما سمحت بمربيتيها اسرائيل بارتكاب مجزرة غزة ؟ أما آن لهم أن يعلموا أن العدل هنا وليس هناك ؟ العدل في الإسلام وليس غيره.

ثم أما آن لقيادتنا عن مختلف مشاربها أن تعلم أن المستهدف هو القضية الفلسطينية وما الحرب على قطاع غزة إلا استهداف لقضيتنا ومشروعنا الوطني وتكريسا
للإنقسام وأن المستفيد الوحيد من هذا الإنقسام هو الكيان الصهيوني؟ أما آن الأوان بعد كل هذه الدماء الزكية التي روت تراب قطاع غزة أن تغير بصيرتنا وتعيدنا إلى بعضنا أخوة متحابين, فالدماء أيها القادة وحدت الشعب من رفح إلى بيت حانون وكان كله في وجه العدوان وحدة واحدة. فلماذا لا يستمر ذلك؟

ولماذا لا تلتقي القيادات في حوار واطني شامل ليبحث كافة الأمور التي تهم الشعب والقضية والإتفاق على ما فيه مصلحة الوطن والمواطن؟ بالله عليكم لا تقزموا قضيتنا ولا تجعلوها فقط قضية غزة وإعمار غزة . لأن ذلك جزء من القضية الكبرى ..قضية فلسطين والتي راح من دونها الآلاف من الشعب والقادة والمقاتلين... لا تختزلوا قضيتنا لتصبح قضية فتح معابر ورفع حصار رغم أهمية ذلك القصوى لنا

لا تقزموا قضيتنا ولا تختزلوها لتكون قضية إنسانية لأنها قضية سياسية ...قضية بقاء ووجود.


أما أنت أيها الرجل/ رجب الطيب أردوغان / فتحية وألف تحية لك من أرض المحشر والمنشر .. من أرض الإسراء والمعراج..من الأرض التي باركها الله تعالى..من أكناف بيت المقدس..تحية لك معمدة بدماء الشهداء كل الشهداء..تحية لك من شعب يتطلع إلى التحرر والإستقلال شأنه شأن باقي شعوب العالم... تحية لك من شعب فلسطين ومن فلسطيني يعشق بلده.