...

رجب طيب أردوغان ... تلميذ المدرسة العثمانية


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

صفحة جديدة 1

لقاء السبت

رجب طيب أردوغان ... تلميذ المدرسة العثمانية

بقلم : أبو يسار

 

إلى بدايات القرن الماضي والدولة العثمانية قائمة موَحدة تمتد شرقاً حتى الخليج الفارسي وغرباً عند المحيط الأطلسي وشمالاً في أوروبا حيث شملت المجر ويوغوسلافيا وبلغاريا وبلاد البلقان وألبانيا وجنوباً في أفريقيا حتى الحبشة وكينيا ومالي والنيجر وشمالي السنغال.

ظلت الدولة العثمانية قوية مترابطة الولايات محافظة حتى تمرد العرب عليها بتخطيط بريطاني فرنسي في ما عرف زوراً بالثورة العربية الكبرى التي قادها شريف مكة آنذاك حسين بن علي في مطلع القرن الماضي بدعم وتمويل وتسليح بريطاني للقضاء على الدولة المركزية الموَحدة وتقسيمها وتحويل ولاياتها إلى دول متفرقة يسهل السيطرة عليها وحكمها واقتسامها من قبل بريطانيا وفرنسا ، كان لليهود دوراً أساسياً في التخطيط لذلك الفعل من أجل الوصول إلى فلسطين كوطن قومي لهم لاسيما وأن تيودور هرتزل زعيم الحركة الصهيونية آنذاك قد زار السلطان العثماني عبد الحميد الذي كانت دولته تعاني من ضعف شديد واقتصاد منهار ، وعرض هرتزل على السلطان عبد الحميد أن تقوم الحركة الصهيونية بتقديم دعماً مالياً مغرياً ينقذ الدولة العثمانية من الانهيار مقابل تخلي السلطان عبد الحميد عن فلسطين كوطن لليهود ، الأمر الذي رفضه بشدة السلطان عبد الحميد والذي قال ( أهون عليَّ أن تنهار الدولة ولا أفرط في شبر من أرض فلسطين ) وأمر بطرد هرتزل والوفد المرافق له.

هذه هي المدرسة العثمانية التي ظلمها التاريخ الذي كتبه مستشرقون بريطانيون وفرنسيون أو مؤرخون عرب مستغربون درسوا في بريطانيا وفرنسا وتأثروا بالفكر الغربي المعادي للدولة العثمانية التي حالت دون تنفيذ أطماع هؤلاء المستعمرين.

رجب طيب أردوغان بفكره وثقافته يعتبر خريجاً للمدرسة العثمانية فهو مسلم تهمه بلاد المسلمين وقومي تركي تهمه تركيا ومصالحها ، وكما يقول عن نفسه بأنه رئيساً لوزراء تركيا وليس رئيساً لقبيلة ، وهذا يؤكد الفكر القومي لهذا الرجل ، فبالرغم من حجم المصالح المتبادلة بين الكيان الصهيوني وتركيا إلا أنه ومن منطلق للبعد القومي الإسلامي لتركيا لم يستطع السكوت على جرائم العدو الصهيوني في غزة ، وهذا يعيدنا لموقف السلطان عبد الحميد الذي ضحى بمصالح الدولة آنذاك مقابل عد التنازل عن البعد القومي الإسلامي للدولة العثمانية.

في دافوس قال أردوغان للمجتمعين حين صفقوا للمجرم شيمون بيريز أعجبُ كيف تصفقون لهذا الرجل بعد أن قتل جيشه آلاف الفلسطينيين ودمر غزة ، وأضاف موجهاً كلامه لبيريز أنت رجل مسن إني أشفق عليك وأنت تكذب وأُقدّر أنك تحت تأثير عذاب الضمير لما ارتكبه جيشك من جرائم بشعة بحق الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين ، وعندما حاول بيريز مقاطعته رد أردوغان عليه بغضب قائلاً أنا رأيت جيشك يقتل الأطفال على شواطئ غزة واثنان من رؤساء حكومات إسرائيل السابقين رقصا فرحاً أمام كاميرات التلفزة عندما شاهدا الدبابات الإسرائيلية تسحق البيوت فوق رؤوس الأطفال والنساء في غزة ، ثم وجه كلامه لرئيس مؤتمر دافوس وقال أنا كرئيس لوزراء تركيا لن أشارك في هذا المؤتمر لأنكم تعطون للقاتل الوقت الكافي للدفاع عن ما ارتكبه من جرائم وانسحب غاضباً من الجلسة.

عاد أردوغان إلى بلاده بعيد منتصف الليل ليجد مئات الآلاف من الشعب التركي الشقيق في استقباله وهم يرفعون أعلام فلسطين وتركيا ، وهنا نقول أن المدرسة العثمانية لم تنتهي بانتهاء الدولة العثمانية في مطلع القرن الماضي ، هل يستطيع الحكام العرب قراءة ذلك واستيعابه والاستفادة منه ؟! نأمل ذلك ، ولكنهم لا يحبون القراءة ، وهل لنا برئيس دولة عربي أو رئيس حكومة أو ملك أو أمير قام بنفس الدور أو يمكن أن يقوم بدور شبيه لما قام به أردوغان  بعيداً عن ادوار الكومبارس ؟ ، لا أعتقد ذلك ، ومن غرائب الأمور أن العديد من المسئولين العرب شاركوا في مؤتمر دافوس واستمعوا لخطاب بيريز وبعضهم صفق له مع المصفقين ومن بينهم رئيس وزراء دولة الممانعة الأولى قطــر والذي لم يكتفي بالتصفيق لبيريز بل اجتمع معه أيضاً؟! ، عجبي.

كان يجب على هؤلاء العرب أن يتضامنوا مع السيد أردوغان وينسحبوا من الجلسة بمجرد مغادرته لها ولكن الفرق بين السيد أردوغان وبين هؤلاء أنه تصرف كرئيس وزراء محترم يعرف دوره ودور بلاده ، بينما تصرف هؤلاء العرب كرؤساء قبائل أو مندوبين لرؤساء القبائل !!!

والمؤسف حقاً أن رؤساء قبائل العرب هؤلاء لم يكلفوا خاطرهم بإعلان موقف تأييد أو باتصال هاتفي يشكرون به أردوغان على موقفه الشجاع والذي كان عليهم هم من واقع انتمائهم كعرب أن يتخذوه ، نلتمس لهؤلاء عذراً فهم لا يردوا تخريب المؤتمر ولا يريدوا ترك مضمار السباق للخيل الإسرائيلي !!!!!!

وبالرغم من موقف السيد أردوغان الواضح ضد الكيان الصهيوني إلا أن شيمون بيريز بادر بالاتصال هاتفياً معه معتذراً وطالباً ألا يؤثر ذلك على العلاقات والمصالح التركية الإسرائيلية ، ومن هنا نفهم كيف يستطيع رئيس وزراء تركيا فرض رؤيته وفرض احترام بلاده من خلال التمسك بالمبادئ لا التفريط فيها ، هل يدرك رؤساء القبائل في أمصار العرب هذه المسألة ؟! لا زلت أشك في هذا.

 

*************************************************************************************************

أخي الفلسطيني .. جرحك لا ينزف دائماً من رصاص عدوك .. فهناك رصاص صديق كثير ما يصيب ويجرح .. وبعضنا في دمشق وبيروت بالصوت النشاز يغني ويصدح .. بكلام كالرصاص لا يدري أنه كالسيف يذبح .. فلماذا يتشدق هؤلاء بكلام فارغ يريح العدو ويجعله يفرح .. فهل للسان هؤلاء الجالسين المترفين هناك أن يخرس .. ويتركونا بأحزاننا ومصائبنا وجراحنا ومعاناتنا نترح ؟.