...

في الذكرى السادسة لاحتلال العراق..


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

صفحة جديدة 1

لقاء السبت

في الذكرى السادسة لاحتلال العراق..

 

بقلم : أبو يسار

 

اليوم تكون قد انقضت ست سنوات عجاف على العراق وشعب العراق ، ست سنوات من الاحتلال والقتل والدمار والقهر والفقر والانقسام والتشرد عاشها شعب العراق جراء الغزو الأمريكي البريطاني الذي نفذه الكلب المسعور مجرم الحرب الهارب  من العدالة جورج بوش وذيله توني بلير المختبئ الآن تحت عباءة الرباعية الدولية ، ولا زال العراق ينزف ، ولا زالت ثرواته تستنزف وتسرق ، ولازال شعبه يحترق بنار الانقسام والطائفية ، ولازال أمراء الطوائف الذين وصلوا لسدة الحكم على ظهور الدبابات الأمريكية يعبثون بمصير العراق ومقدراته ويكرّسون الانقسام العرقي ويتقاسمون الحصص طائفياً توطئة لإيجاد دويلات طائفية تحل محل العراق في الخارطة العربية تنفيذاً لأجندات إقليمية ودولية.

ست سنوات والعراق ( الحر الديموقراطي ) كما يزعم الأمريكان وعملائهم أمراء الطوائف يحترق وشعبه منقسم تمزقه فتنة الطائفية والأحزاب المتعددة الباحثة عن السلطة والثروة بأي ثمن وأي وسيلة ، بعضه قد اضطر للبقاء في العراق وبعضه الآخر هرب من ميليشيات القتل والخراب إلى الدول المجاورة والبعيدة معاً ليبحث عن ملجأ آمن يعيش فيه بهدوء وسلام ، مليونان قتلتهم القوات الأمريكية والميليشيات الطائفية وسبعة ملايين باتوا مهاجرين في بلاد الله الواسعة من أوروبا وكندا وأمريكا وأستراليا وسوريا وليبيا ومصــر ودول الخليج ؟؟!.

ست سنوات عجاف ولا زال التساؤل يحير أهل العراق لما فعل الأمريكان هذا ؟ هل حباً في العراق وأهل العراق ؟ أم تنفيذا لإستراتيجية دولية إقليمية وقائية تتمثل في ضرب العراق البلد الغني بمقدراته وأهله وثرواته والذي سار على طريق النهوض ليتحول إلى دولة عظمى تهدد أمن الكيان الصهيوني والمصالح الأمريكية وبعض الدول الإقليمية في المنطقة كإيران ، لم تكن الغاية هي الديموقراطية ولا الحرية لشعب العراق ، وما حدث خلال السنوات الست المنقضية يؤكد هذه الرؤية ، وبات العراقيين الآن أكثر إدراكاً وفهماً لما أراده أعداء العراق لهم ، إذا كان الأمريكان كما يزعموا  قد خلّصوا العراق من حكم ( ديكتاتوري ) نهض بالعراق وأنهى الطائفية وأمم النفط وبنا الجامعات ونهض بالصحة والتعليم والصناعة وحول شعب العراق من شعب قبلي طائفي فقير إلى شعب موحد غني بعلمه وثرواته وتقدمه الملحوظ خلال الثلاثة عقود الأخيرة من القرن الماضي ، فقد فرضوا نظاماً طائفياً ميليشيوياً عميلاً متعدد الولاءات إلّا ولائه للوطن ، ينفذ ما تريده الإدارة الأمريكية وإيران وإسرائيل معاً ويبقوا على عراق طائفي مقسم مشلول الإرادة منهوب الثروة مقطع الأوصال.

ولا بد أن نتساءل هنا ، وهذا التساؤل بالتأكيد يدور في ذهن كل مواطن عربي منشغل بقضايا الأمة القومية على امتداد الوطن العربي من أقصى غربه في موريتانيا وحتى أقصى الشرق في البحرين ، من هم المستفيدون من تقسيم العراق وتمزيق شعبه ونهب ثرواته ؟ وأي متابع لما جرى ويجري في العراق بالأمس وفلسطين اليوم خصوصاً والوطن العربي على وجه العموم ليس بحاجة لمفسرين أو محللين أو مفكرين يجيبوه على هذا التساؤل ، فالمستفيدون هم الكيان الصهيوني أولاً حيث تخلص من كابوس العراق تلك الدولة الواعدة الصاعدة التي كانت تهدد أمنه واستمرار بقائه ، وإيران الدولة الجارة للعراق ودول الخليج العربي من الناحية الشرقية والتي تمتلك أطماعاً تتمثل في إعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية ، وكان العراق بقيادته القومية يقف كسد منيع أمام طموحاتها في توسيع نفوذها ونشر أفكارها المختبئة تحت العمائم السوداء والعباءات العقائدية ، والإدارة الأمريكية الباحثة عن ثروات جديدة تستولي عليها شركاتها لتستثمرها في صناعات مدنية وعسكرية تفرض على المستهلك العربي شرائها ، وهنا تتلاقى المصالح الأمريكية الإيرانية دون اتفاق أو تنسيق أو برامج مشتركة ، والمنطق العقلاني يؤكد أن الغزو الأمريكي للعراق كان يشكل خطراً إستراتيجياً على الأمن القومي الإيراني ، لكن المنطق البراغماتي وهو ما يحكم العقلية الإيرانية عكس ذلك تماماً ، فالغزو الأمريكي شكل مصلحة لإيران عندما خلصها من سد منيع كان يحول دون اتجاهها غرباً في العمق العربي عبر البوابة العراقية ، فكان ترحيبها الصامت ودعمها المباشر لعملية الغزو ، ولا يغيب عن ذهن أي مراقب أو متابع دور إيران المباشر في عملية غزو العراق عندما سمحت لميليشيات ( قوات بدر ) ما يسمى ( بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والتي كان يقودها المقبور محمد باقر الحكيم الطبطبائي الإيراني الأصل ومن بعده الآن شقيقه عبد المحسن الحكيم الطبطبائي والحاصل على حصة الأسد في الحكومة العراقية العميلة وما يسمى بمجلس النواب الذي أشرف على انتخابه  بول برايمر الحاكم الأمريكي السابق للعراق بعد الغزو ) ، بالمشاركة في عملية الغزو الأمريكي والتي دخلت العراق مجهزة بالسلاح الإيراني عبر الحدود الشمالية الشرقية للعراق جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية والبريطانية والتي أسهمت في احتلال معظم مدن الجنوب العراقي بدءاً من البصرة مروراً بالناصرية والكوت والسماوة والعمارة والنجف وكربلاء والحلة ، والعراقيون أكثر من يعرف دور هذه الميليشيات ( التي يقودها بيان جبر صولاغ الإيراني الأصل ووزير الداخلية الحالي في حكومة نوري المالكي والقادم من طهران أيضاً ) في تقتيل العراقيين وملاحقتهم وخصوصاً علماء الدين السنة وأساتذة في الجامعات وكبار الأطباء والقضاة والعلماء من العرب السنة ، الدور الإيراني في غزو العراق وما آل إليه حال العراق الآن بعد الغزو بات واضحاً ، وبالرغم من كون الأمة الفارسية أمة شقيقة للأمة العربية إلا أن الملالي الذين يسيطرون على مؤسسات الدولة في إيران قد خرجوا على هذا المعنى السامي ، وجعلوا من إيران بلداً معادياً للأمة العربية بطموحاتها في التآخي والتكامل وحسن الجوار مع شقيقتها الأمة الفارسية ، وهذا يتطابق تماماً مع السيناريو الأمريكي الصهيوني المتمثل في إبقاء المنطقة ضعيفة متناحرة ومنقسمة الذي يضمن بقاء الهيمنة الأمريكية الصهيونية عليها ، حكم الملالي في طهران ليس بريئاً ، ولو حسنت النوايا لكانت الأمة الفارسية بما تمتلكه من مقدرات وإمكانيات رديفاً لشقيقتها الأمة العربية ، الأمر الذي سيحول دون استمرار عملية الغطرسة الأمريكية الصهيونية في منطقتنا ، ولكان حالنا غير هذا الحال المزري .

على القيادة الإيرانية التخلص من الفكر الفارسي وعندما تتحرر من هذا الفكر ستكون إيران والأمة الفارسية رديفاً قوياً داعماً للأمة العربية ، حينها يستطيع العرب والفرس معاً النهوض بالمنطقة والتصدي لأطماع الأمريكان والصهاينة ، ولن تكون إيران إذا استمرت بقيادتها الحالية بمنأى عن ما أصاب جارتها العراق ، فهل من صحوة لهؤلاء الملالي ؟ سؤال ننتظر الإجابة عليه من طهران ولو بعد حيـــــن.