...

عندما تحدث نتنياهو بلسان العرب


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

لقاء السبت

عندما تحدث نتنياهو بلسان العرب

بقلم : أبو يسار

 

في خطابه الموجه إلى تجمع اليهود الأمريكيين ( إيباك ) عبر الأقمار الصناعية يوم الرابع من مايو الجاري قال بينيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني كلاماً خطيراً وواضحاً ، وخوّل نفسه الحديث باسم العرب ، واللافت للنظر أنه تحدث بصراحة وكأن لديه تفويض مسبق بما قال ، وقد دار خطابه حول ثلاث نقاط رئيسية هي :

1-    أنه لأول مرة يتوحد العرب واليهود في مواجهة الخطر الإيراني ؟

2-    أنه بالتعاون مع العرب يمكن مواجهة الخطر الإيراني ؟

3-    إن السلام يتحقق عندما يعترف العرب والفلسطينيون بإسرائيل كدولة لليهود ؟

ماذا يريد رئيس وزراء العدو من رسالته هذه ليهود أمريكا ؟ ولماذا الآن بالتحديد ؟ لا شك أن نتنياهو أراد القول أن التناقض الرئيسي في المنطقة ليس بين العرب والكيان الصهيوني وإنما هو بين العرب وإيران ، وأن الخطر القادم من طهران يهدد العرب واليهود معاً ، وهو بذلك يوجه منظمة إيباك لممارسة الضغوط على إدارة الرئيس باراك أوباما في واشنطن ( التي تحاول التفاهم سياسياً مع إيران ) للاستمرار في سياسة إدارة بوش السابقة التي كانت تنظر لإيران كدولة عدوة ومارقة ، وعدم ممارسة أي ضغوط على الحكومة الصهيونية المتطرفة لدفعها لتقديم تنازلات تجاه حل عادل وشامل مع العرب والقبول بحل الدولتين وما يرافق ذلك من وقف شامل للاستيطان وتفكيك المستوطنات والانسحاب من الجولان.

منطقياً فإن رئيس وزراء العدو الصهيوني يريد اللعب على التناقضات الثانوية بين العرب من جهة وإيران من جهة أخرى ، ونحن لا ننكر وجود هذه التناقضات ، ولكنها لا ترقى إلى مستوى التناقض الرئيسي القائم بيننا كأمة عربية والكيان الصهيوني ، فالصراع العربي الصهيوني هو صراع وجود بالرغم من استعداد العرب للتعايش مع الكيان الصهيوني ضمن رؤية العالم لتسوية هذا الصراع وتقديمهم لمبادرة سلام شاملة لازال الكيان الصهيوني يرفضها ، وبات العالم بأسره يعرف أن الطرف الصهيوني هو الذي يماطل في عملية السلام وليس العرب ، وبات معروفاُ أن الكيان الصهيوني يريد سلاماً مجانياً على حساب الفلسطينيين والعرب معاً .

وتركيز العدو الصهيوني على القدرة النووية الإيرانية أمر مبالغ فيه ، فإيران لا زالت تحاول تخصيب اليورانيوم ولم تحصل بعد على سلاح نووي ، وإن حصلت عليه فعلاًُ فهذا من حقها ، ومن حق العرب السعي للحصول على سلاح نووي كسلاح ردع طالما أن الكيان الصهيوني أمتلك فعلاً هذا السلاح منذ ثلاثة عقود ، وباتت لديه ترسانة نووية ، وقد أكدت كل التقارير الإستخبارية الغربية أن الكيان الصهيوني يمتلك أكثر من ألف رأس نووي ، وأن لديه أربعة أسراب جوية مجهزة فعلاً بصواريخ نووية ( 48 طائرة ) وهذا يكفي لتدمير عواصم العرب وطهران معاً .

إن محاولة حكومة الكيان الصهيوني إظهار التناقض العربي الإيراني كعملة محورية هو ذر للرماد في العيون ، فالأمة العربية أمة مسلمة وكذلك هي الأمة الفارسية ، وهما أمتان شقيقتان ومهما وصل الخلاف بينهما فلن يرقى هذا الخرف لدرجة التناقض الرئيسة القائم بين العرب من جهة والكيان الصهيوني الذي يهدد فعلاً الوجود العربي من جهة أخرى.

إيران دولة قائمة وجارة للعرب منذ آلاف السنين لم تهدد الوجود العربي ولم تكن تشكل خطراً في يوم من الأيام على هذا الوجود ، وكذلك العرب الذين لم يشكلوا يوماًُ خطراُ على إيران ، وإن كان هناك صراع بينهما فهو وليد سياسات قاصرة هنا وهناك أملتها مصالح فئوية وقطرية محدودة لا تعبر أصلاً عن مصالح الأمتين العربية والفارسية ولا شك أن هناك في طهران قصور سياسي لدى بعض القادة الإيرانيين ، كما هو الحال لدى بعض القادة العرب لاسيما الذين يغمضون أعينهم عما يحيط بهم من خطر صهيوني في الوقت الذي يعتقدون أن الخطر قادم من طهران فالمسألة مصطنعة وساهم في زرعها اليهود والأمريكان معاُ بهدف شق الصف العربي الإيراني وزرع التناقض في المنطقة وإشغال العرب بإيران وإيران بالعرب ، ليبقى الكيان الصهيوني مستريحاً يقضم الأرض ويبني المستوطنات ويهوّد القدس ويقتل الفلسطينيين ويحرق مدنهم ويطّبع مع العرب في الوقت نفسه؟! ، والحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي والتي صنعها الأمريكان ومولها عرب النفط وسلحها الأوروبيون والأمريكان معاُ خير دليل على ذلك ، تلك الحرب التي طحنت العراق وإيران معاً وكان الكيان الصهيوني هو المستفيد الأكبر منها ، وأي متابع للأوضاع السياسية يمكنه قراءة تلك الحرب الضروس التي استمرت عقداً من الزمن كان السلاح يتدفق على طرفيها من أمريكا معاً وكان المال العربي يسدد ثمن هذا السلاح.

هل قرأ القادة العرب أو وزراء خارجيتهم خطاب بينيامين نتنياهو ؟ وإن كانوا قد فعلوا ذلك فلماذا صمتوا ؟ ولماذا لم يرد أحدهم على ما قاله ؟ وهل خولوه الحديث باسمهم ؟ وبالرغم من اعتقادي بأنهم لم يفعلوا ذلك ، إلا أنه من حقي التساؤل لماذا صمتوا ولماذا لم يقل أحدهم له اذهب وخيط بغير هالمسلّة ، ولا تلعب على تناقضاتنا التي لا ترقى إلى منزلة تناقضاتنا معكم يا صهاينة ، أم أن خطاب نتنياهو أعجبهم والسكوت علامة الرضا؟!

متى يتخلص قادة طهران من قصر النظر المصابون به تجاه أشقائهم العرب ؟ ومتى يتخلصوا من غرورهم وصلفهم ؟ ومتى يدركوا أنهم وأشقائهم العرب يواجهون عدواً مشتركاً هو الكيان الصهيوني المدعوم من أمريكا بلا حدود أو شروط ؟ ومتى يدرك بعض قادة العرب أن أي إدارة أمريكية لا يمكن أن تساوي بينهم وبين الكيان الصهيوني ، ولا يمكن أن يرقى أحدهم لمنزلة ذلك الكيان لدى تلك الإدارة ؟ أنا أعتقد أنهم يدركون ذلك ولكنهم فاقدون للإرادة ، وعادمون للوسيلة كونهم موظفون بدرجة رؤساء أو ملوك؟!.