...

في المقهى


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

في المقهى !

بقلم / صابرين الفرا

في ذلك المقهى الكبير الجميل المتواجد في أحد الشوارع العربية ، والذي يتكون من طابقين ذو مساحة واسعة وخدمة متميزة تجعل الزبائن تقبل عليه بصورة كبيرة وهذا سبب وجود العديد من طلبة وطالبات الجامعات فهم يرتادونه لكي يأخذوا قسطاً من الراحة، فمنهم من يعتبره مكاناً مناسباً لتغير روتينهم الدراسي وأخذ زاوية ملائمة لمذاكرة بعض محاضراتهم الجامعية وذلك لأن المكان يُشجع الطلبة على المذاكرة بالإضافة الى وجود الموظفين الذين يقومون بالخدمة الممتازة وتلبية طلبات الزبائن فالمدقق في حال أؤلئك الموظفين يخطر بباله أنهم يمتلكون شيئاً  آخراً وقوياً غير هذه الوظيفة وهذا ما دفع فضولي لسؤال أحدهم عما إذا كانت وظيفته هذه هي أكبر شيئ وصل له في حياته ؟ فإذا به يجيب بإبتسامة وكأنها تسخر من الواقع الذي يعيشُه بأنه حاصل على بكالوريوس من كلية الهندسة ! وكان سبب عمله في هذا المقهى عدم توفر فرصة العمل المناسبة للشهادة التي يحملها في بلده ! هذا كان رد أحد الموظفين في الوقت الذي كان يرتسم عليه علامات وردود تؤكد أن زملائه الآخرين في هذا المقهى كلُهم مثله من حملة الدرجات الجامعية المطلوبة في سوق العمل العربي بشكل خاص والدولي بشكل عام ولكنهم لا يجدون عمل ! فهذه القصة ليست الوحيدة فهناك الكثيرمثلها لأن هذه الظاهرة والتي أصبحت ثقافة المجتمعات العربية الأصيلة تسيطر على المجتمع العربي ككل إنها ظاهرة البطالة فهي من أهم المشكلات والآفات الإجتماعية التي تواجه المجتمعات العربية والتي وقع ضحيتها بل ويعاني بسببها الكثير من الشباب الذين يتخرجون من الجامعات وهي سبب شعورهم الدائم بالإحباط واليأس وانعدام الأمل في المستقبل بسبب أنهم وجدوا أنفسهم بعد ما أمضوا سنين حياتهم في الدراسة أصبحوا ضمن قوائم العاطلين عن العمل ولا يستطعيون فعل أي شيء سوى العمل في أي وظيفة لكي لا يزيدوا العبئ على عوائلهم التي يستحي بعضهم من وجوده فيها مستهلكاً ولا وظيفه له ، فيخرج من الصباح ولا يرجع إلا في نهايه النهار مختبئاً في سواد الليل وكأنه لا يريد أن ُيذكر عائلته بالإحباط الذي أصابهم بعد تخرج إبنهم الذي لم يجد الوظيفة المناسبة له ، وبعضهم اضطر للعمل في وظيفه أخرى لا تمس لشهادته بأي شيء لكي يساعد نفسه على الإستمرار في هذه الحياة ومنهم من يقع في المصيبة الأدهى من الأول والثاني وهي لجوءه إلى إرتكاب الجرائم و المعاصي أو الإدمان على المخدرات و اللجوء إلى السرقة لكي يحصل على المال فهذا ما يقع ممن لا يمتلك  قدر كافي من الدين والإيمان والبعض الآخر يسافر فيهجر أهله وبلده  لكي يعمل في أي مهنة كانت للحصول على لقمة العيش في حين أن غيرهم من أصحاب الواسطات حصلو على الوظائف من غير تعب وان لم يكونوا حاملين شهادات جامعية !

للأسف إن البطالة أصبحت تتمثل في شبح يُرافق الشباب ويُسيطر على عقولهم و يقضي على أحلامهم وطموحاتهم التي تتلخص في حصولهم على الشهادة الجامعية الأولى كحد أدنى لتحقيق آمالهم  في العيش وبناء مستقبلهم ، فكل تلك الأحلام أصبحت تتلاشى شيئاً فشيئاً بل ودُمرت بسبب عدم ثقتهم بأنهم سوف ينالون جزء بسيط من حقهم بعد حصولهم على تلك الشهادة !

فهل هناك من يُدبر لتفاقم وتضخيم هذه المشكلة في المجتمعات العربية ؟ ولصالح من ؟ وإن لم يكن كذلك فهل الموارد العربية لا تستطيع تغطية وظائف للشباب العربي ؟ وان كان الأمر كذلك فلماذا لا توفر الدول العربية المصاريف والإسراف في بناء الجامعات و على التعليم العالي ؟

وأوسع من ذلك لماذا نجد البلاد العربية مليئة بالموظفين الأجانب والذين يُشكلون عبئاً اقتصادياً هائلاً على هذه الدول ؟

فإن كان المسؤولين الشرفاء في الدول العربية يعترفون بهذه المشكلة فهل فكروا في حلول لهذه المشكلة ؟ وهل لديهم خُطط ولو على مستوى المستقبل البعيد – ليس البعيد جداً – أي ليس بعد قرن من الزمان ؟  وهل نستطيع أن نقول للشباب بأن ثمة بريق أمل هناك في آخر النفق حيث سيتمكن كل شاب أن يحصل على العمل الذي يرغب فيه ؟