...

زواج يبدأ بالغش ....!!!


محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

التفاصيل


زواج يبدأ بالغش ....!!!

رُفعت الأصوات بين الزقاق مهنئة بزواج نجل فلان على كريمة فلان و لتبدأ التجهيزات و الاستعدادات لانطلاق حفل الزفاف السعيد, زواج تم إعلانه بعرض و قبول , و قال والد العروس للعريس "زوجتك ابنتي على كتاب الله و سنة رسول الله" فرد العريس قائلا "و أنا قبلت" ...

فأصبح العقد بينهما ساريًا بزواجهما بشرط على أن يكون على "كتاب الله و سنة رسول الله" ... و جاء حفل الزفاف ليبدأ الحفل من بيت العريس لبيت العروس بما يسمى "الفدعوس" -المتعوس- ليجول موكب الزفاف في شوارع المدينة ليصل لصالة الأفراح و فيها تنتظر البنات و النساء دخول الزفة و قد تزينَّ بكل زينة يظهرن بها أمام من يحرم عليهن التزين أمامهم, و في الاستقبال الموسيقى المستمرة و المتواصلة لساعات طويلة لا يوقفها خوف من الله و لا آذان مغرب و لا عشاء , و معها تضيع الصلاة عن النساء فلا تلبية للصلاة و لا خشية من الله.

و في ختام الحفل يسمح لأصدقاء العريس و أقاربه الدخول للحفل فيرقصون و يتمايلون أمام الفتيات و لا بأس أن تقف معهم بعض الفتيات من باب أنهن "مثل أخوانهن" أو بحجة "هم لا ينظرون!!!" , و ينتهي الزفاف ليعود الزوجين لبيتهما و ينتظر الأقارب و الجيران معرفة تفاصيل ليلة البناء و ماذا فعل فيها الزوجان !! و هي تفاصيل لا ينبغي أن تخرج خارج بيتهما بل خارج غرفة نومهما و لو لشبر واحد!!

و تبدأ الحياة الزوجية بينهما, فالزوج لا يغير على زوجته و لا مانع عنده من أن تجلس زوجته مع شباب و رجال هم أجانب عنها و الحجة أنهم مثل إخوانها أو أقاربها, و هو من حقه أن يجلس مع الفتيات و يرفعون صوت الضحك و يخرجون في رحلات يجتمع فيها الجميع سويًا ...

يعود في يوم لبيته فيضربها لسبب أو آخر , أو يسب أهلها أو يسبها و يلعنها, تطلب منه طلبًا مشروعا فينهرها و يشد عليها الإهانة و الذل ...

في بيتهم ترتفع أصوات الموسيقى و يتواصل عرض الأفلام و المسلسلات المختلفة ما بين المصرية و السورية و المكسيكية و التركية حتى أصبحت لها نصيب يومي لأفراد الأسرة.

أهذا هو الزواج الذي على كتاب الله و سنة رسول الله ؟! بالله عليكم من يغش من ؟ هل العريس يغش العروس ؟ أم أن العروس تغش العريس ؟ أم أن كلاهما يغش الآخر ؟

و إن كان لا , فهل شريعتنا و كتاب ربنا و سنة نبينا تَنُص و تشرع لنا هذه الأمور ؟ لا و الله ,

فإن كل ما فات من معاصي محرم بلا شك و لا خلاف بين العلماء على ذلك.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: "ليكونن من أمتي أقوام ، يستحلون الحر والحرير ، والخمر والمعازف ... " , و كلمة يستحلون تعني أنها حرام و هم يستحلونها.

و عن قول ربنا سبحانه و تعالى "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين " أقسم الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود ثلاثًا أن المقصود بلهو الحديث هو الغناء.

غير أدلة كثيرة جدا تصب في هذا الاتجاه, و إن وجد خلاف بين العلماء فإن الخلاف بينهم لا يشمل ما نستمع له هذه الأيام من أغاني و موسيقى مطلقًا بل هو على نوعية غير موجودة الآن.

فإذا علمنا أن هذه الأغاني و الموسيقى حرام فلنعلم أن أشر الناس هو من لا يبالي أن رآه الناس عاصيا كما قال لقمان الحكيم و لنعلم أن كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم معافاة من الأمراض و الأوبئة الفتاكة و من عذاب النار إلا من يجاهر ربه بالمعاصي لقوله صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " , فما بالنا اليوم و قد أصبحت المجاهرة بالمعصية على الهواء مباشرة لا بالليل دون ان يرى أحد ... فهل هناك مجاهرة بالمعصية أشد من أن يسير الموكب بالمتعوس ليجول شوارع المدينة ثم ترتفع الأصوات في الصالة لتختلط بصوت الآذان !!

و بعد كل هذا , نكذب على أنفسنا فنقول زواجنا على كتاب الله و سنة رسول الله ؟

أم أننا نكذب على ربنا و رسوله و عندها نكون كما قال ربنا فيهم : "و من أظلم ممن افترى على الله كذبا ..." ؟؟؟

أحبتي زواج يبدأ بالغش من اللحظة الأولى لا يمكن أن يستمر سعيدا إلا بتوبة و إنابة إلى الله , فهذا الزواج إما أنه سينتهي إلى الفراق بين الطرفين و إما أنهما سيعيشا سويا حياة تملؤها المشاكل و النزاعات ...

أحبتي , إنَّ الله سبحانه و تعالى هو من خلقنا و خلق السعادة و هو من يجعل فلانا سعيدا أو تعيسا و لا يمكن لنا أن نحصل على السعادة بطريقة لم يبيحها لنا الله تعالى و إذا حاولنا الحصول عليها بغير ما أحل الله فلن نحصل عليها إطلاقا لأنها بيد الله تعالى ...

أحبتي دعونا نعود لله تعالى , فنفرح كما أمر ..... نتزوج كما أمر ..... نعامل زوجاتنا كما أمر.... نعامل أزواجنا كما أمر ..... نتزاور كما أمر .... نحتفل كما أمر ....