...

أبو اللطف .. لماذا الآن ؟


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

صفحة جديدة 1

أبو اللطف .. لماذا الآن ؟

 بقلم : أبو يسار

17/7/2009

 

أقدم الأخ فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتـــح ورئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية على ارتكاب فعل فاضح على قارعة الطريق يعاقب عليه القانون ، القانون الحركي الذي كان أبو اللطف أحد واضعيه في النظام الداخلي ( الأساسي ) لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح قبل نصف قرن ، وجاء الفعل الفاضح من أبي اللطف في وقت حساس وشديد الخطورة ، لاسيما وأن المؤتمر الحركي العام على الأبواب ، والحركة تستعد لهذا العرس التنظيمي الذي دام انتظاره عشرون عاماً متصلة ،  ( ومع أن لو تفتح عمل الشيطان ) ، فلو انعقد هذا المؤتمر سابقاً لما ظل أبو لطف أميناً لسر اللجنة المركزية ولا عضواً فيها لأن الرجل أعطى ما عنده ، ولم يبقى لديه شيئاً يعطيه .. عافاه الله.

وبالرغم من خلافي المزمن مع أعضاء اللجنة المركزية مجتمعة ولأسباب تنظيمية وسياسية بحتة والذي لم يكن في يوم من الأيام على نفوذ أو موقع أو مال وإنما على فتح ومن أجل فتح ، إلا أنه يجب أن أسجل بوضوح أن احترامي للأخ محمود عباس أبو مازن كعضو في اللجنة المركزية كان وما زال يشكل درجة عالية في نفسي ليس تملقاً ولا نفاقاً ولا خوفاً ولا لأي حسابات أخرى ، فأنا خارج اطار الحركة منذ زمن ليس بالقصير ، وأصنف نفسي وكما يصنفوني هم معارضاً للجنة المركزية ، أختلف مع الأخ أبو مازن وأكن له الاحترام والتقدير لسبب بسيط وواضح كونه لا يخفي رأيه أو وجهة نظره ويعلن ذلك بوضوح منذ عام 1976 فهو لا يقول شيئاً ويمارس عكسه ، وإنما يقول ما يريد ويمارسه بوضوح ، ولا يقع في تناقض كما يفعل زملاؤه في اللجنة المركزية ، الأخ أبو مازن لديه قناعة ثابتة منذ عدة عقود تتمثل في أن الحل يكمن فقط في العمل السياسي أي عبر المفاوضات ، وأن الكفاح المسلح لن يوصل إلى حلول ، والرجل يدافع عن وجهة نظره هذه بهدوء ومنذ زمن بعيد ، وينأى بنفسه عن الزعيق والصراخ بالشعارات الرنانة التي يتشدق بها بعض زملائه في اللجنة المركزية ، وهذا يستحق الاحترام بغض النظر عن الموافقة أو الرفض لأفكاره الواضحة والمعلنة .

وقد يعتقد البعض  أنني هنا أدافع عن الأخ أبو مازن وهذا ليس عيباً ، ولكنني أؤكد أن الرجل ليس في موضع الاتهام ليحتاج إلى محامي دفاع ، وإن احتاج فمن واجب كل الكادر والأعضاء في الحركة الوقوف صفاً واحداً  للدفاع عنه ، وقد سبق وتم اتهام الرجل بالتفريط والمساومة والتساوق مع الإسرائيليين ، ولكنه لم يأبه لذلك وظل عبر مسيرته النضالية يمارس قناعته عبر القنوات التنظيمية المشروعة بعيداً عن الارتباطات والأجندات الإقليمية والدولية ، وأكد ذلك في برنامجه الانتخابي عندما خاض معركة الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها وحصل بموجبها على ثقة الناخب الفلسطيني سواء كان منتمياً لحركة فتح أو لغيرها من التنظيمات الفلسطينية الأخرى أو مستقلاً.

وهو أي الأخ أبو مازن لم يخدع أحداً ولم يرتكب فعلاً فاضحاً يخجل منه وما زال يمارس أفكاره ووجهة نظره بوضوح ويؤكد عليها في كل مناسبة تنظيمية أو جماهيرية وهذا يزيد من احترام الرجل في الشارعين التنظيمي والجماهيري معاً ولدى معارضيه أيضاً والذين يجدون أن لديه وجهاً واحداً لا وجهين ، ولساناً لا لسانين ، وباختصار فإن أبا مازن لا يملك شيئاً يخفيه ، فكل ما لديه معروف ومعلن للحركة وللجماهير الفلسطينية معاً.

والسؤال المهم الآن للأخ أبو لطف ما الذي يخفيه ؟؟ ، وأي أجندات خارجية دفعته لممارسة الفعل الفاضح ضد زميل ورفيق كفاحه أبو مازن ؟ وضد الحركة  التي تشرّف بأمانة سر لجنتها المركزية قرابة نصف قرن من الزمن ؟ ولماذا الآن ؟ لاسيما وأن المؤتمر الحركي العام بات وشيكاً ، وهل يريد من هم وراء أبو لطف تفجير الحركة من داخلها والعمل على شقها في ظل ظروف سياسية قاسية وحرجة تهدد مصير القضية الفلسطينية برمتها ، وأي أيادٍ خفية هذه التي تعبث ولمصلحة من ؟، ومن المستفيد غير العدو الصهيوني وبعض الأطراف المحلية المنافسة التي مارست الانقلاب على الشرعية مدعومة إقليميا من أطراف تبحث عن مصالح قُطرية محدودة وبغيضة.

وإذا كان ما قاله الأخ أبو لطف صحيحاً فلماذا صمت طويلاً ؟ لاسيما وأن الأخ المغفور له أبو عمار قد انتقل إلى جوار ربه منذ سنوات خمس !، هل تذّكر أبو لطف اليوم فقط أن الأخ أبو عمار رحمه الله قد توفى اغتيالاً ؟ وإذا كان ما قاله أبو لطف صحيحاً وهنا لا بد من العودة للمثل الشعبي ( مجنون يحكي وعاقل يسمع ) مع احترامي لأبي لطف ، كيف تسرّب محضر سري لاجتماع سري جمع الأخ أبو مازن مع شارون وضباط من وكالة المخابرات الأمريكية تآمروا خلال هذا الاجتماع على ضرورة التخلص من الأخ أبو عمار رحمه الله ؟ وكيف وصل هذا المحضر السري للأخ أبو عمار والذي بدوره أودعه لدى الأخ أبو لطف الذي كان شديد الخلاف معه ؟!، هل سلّم الأخ أبو مازن ( المتآمر على أبي عمار ) المحضر لأبي عمار ؟! أو هل سلّم شارون المحضر لأبي عمار ؟! أو هل سلّم ضابط المخابرات المركزية الأمريكية هذا المحضر لأبي عمار؟! ، كل هذه الأسئلة تظل خارج نطاق العقل لأن هذه الأطراف والتي تريد التخلص من أبي عمار كما زعم أبو لطف لا يمكن أن تقول للمرحوم أبو عمار انتبه نحن نتآمر للتخلص منك ؟!.

ولنفترض جدلاً ( وهنا نريد أن نعطي عقولنا إجازة قصيرة ) أن ما قاله أبو لطف صحيحاً ، فلماذا صمت منذ 11/11/2004 وهو تاريخ انتقال الأخ أبو عمار لجوار ربه ، لاسيما وأن الأخ أبو عمار قد أودع المحضر المشار إليه لدى أبو لطف قبل وفاته كما يزعم أبو اللطف ؟! ، ومن جانب آخر فإن أبا لطف يضع نفسه في دائرة الشك بل التآمر على أبي عمار ، لاسيما وأنه عرف قبل وفاة أبو عمار أن هناك مؤامرة لتصفيته ، فلماذا صمت حين ذاك ولماذا لم يتكلم مبكراً ؟ لماذا لم يتكلم إذا كان صادقاً أثناء وجود أبو عمار في المستشفى في باريس ؟ لماذا لم يعلن إذا كان صادقاً أن أبو عمار تعرض لعملية تصفية بعيد وفاته مباشرة ، كل هذه الأسئلة تدين أبا لطف الذي تواجد في باريس أثناء إقامة المرحوم أبو عمار في المستشفى الفرنسي ، هل حسب أبو لطف جيداً قبل أن يتورط في إعلانه المشين في العاصمة الأردنية عمّان ، وقبل أن يفتح النار الموجهة بأجندات إقليمية تجاه زميل ورفيق سلاح ونضال هو أبو مازن ؟ للأسف إن أبا لطف يطلق النار على حركة فتح مجتمعة بكل أطرها وليس على أبي مازن فحسب ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المسألة أكبر من أبي لطف ، أكبر من طاقاته ومن إمكانياته ومن أفكاره ؟ نحن نعرف وأبو لطف يعرف هذه الحقيقة ، والمحزن لي شخصياً ولكل أبناء حركة فتح أن يختتم الأخ أبو لطف حياته التنظيمية بالتآمر على الحركة التي كلفته وشرفته بأمانة سر لجنتها المركزية وكفلته أيضاً قرابة النصف قرن من الزمان ؟!.

يبقى تساؤلاً هل أراد أبو لطف ( ومن وراءه من أصحاب الأجندات التخريبية ) تفجير الحركة من داخلها أو إفشال عرسها المنتظر ( المؤتمر العام ) والذي نعوّل عليه في إعادة ترميم البيت من الداخل وتصحيح المسيرة التنظيمية للحركة الرائدة صانعة كل الإنجازات الوطنية محلياً وإقليميا ودولياً ، كل هذه الأسئلة متروكة لضمير أبو لطف المناضل والذي لازلت أعتقد أنه قادر على النهوض من كبوته وانتقاد ذاته والاعتراف بزلته والعودة إلى جذوره الطيبة الوطنية في حضن الحركة .. حركة فتـــــح التي تبقى ويذهب الأفراد .