...

لا للمفاوضات..إلا ضمن الوضع النهائي


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

 

لا للمفاوضات.. إلا ضمن الوضع النهائي

بقلم : أبو يسار

16-9-2009م

تسعى الإدارة الأمريكية جاهدة عبر موفدها جورج ميتشل لإعادة طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات (الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية) ويُحضر الرئيس الأمريكي لعقد لقاء ثلاثي يجمعه برئيس حكومة المستوطنين والفصل العنصري الصهيوني بنيامين نتنياهو، والرئيس محمود عباس على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الأسابيع القريبة القادمة، وقد مارست الإدارة الأمريكية ضغوطاً معلومة على بعض الأنظمة العربية لتمارس بدورها ضغوطاً على الطرف الفلسطيني للقبول بالعودة للمفاوضات التي باتت عبثية كونها لم ترتقي إلى مناقشة قضايا الحل النهائي والتي تتهرب منها حكومات العدو الصهيوني المتتالية منذ 13/9/1993م ، فالعدو منذ أن وقَع اتفاقية أوسلو قبل ستة عشر عاماً وهو يماطل سواءً كان على رأس حكومته حزب العمل أو الليكود أو كاديما أو جموع المستوطنين والفصل العنصري في الحكومة الحالية، فكلهم صهاينة قرءوا على نفس المزامير، وبدلاً من أن تمارس الإدارة الأمريكية ومعها المجتمع الدولي الضغوط على الكيان الصهيوني المتغطرس، وكذلك بعض الأنظمة العربية المرتبطة بعلاقات دبلوماسية وطبيعية ومعاهدات سلام مع العدو والتي لا تجرؤ على تحمير عينها لذلك العدو، وإنما تُحمر عينها للفلسطينيين الذين لم يتبقى لديهم ما يتنازلوا عنه أو يقدموه للعدو، إنهم كمن يجلد القتيل ويُصفق للقاتل، الرئيس محمود عباس على رأس السلطة الفلسطينية قدم كل ما لديه من أجل الوصول إلى سلام عادل ودائم ولا زال يؤكد استعداد السلطة الوطنية الفلسطينية للمضي قُدماً في مفاوضات جادة تضمن إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين واقتسام المياه وتفكيك المستوطنات وإزالة جدار العزل العنصري، بينما يُصر رئيس حكومة المستوطنين والفصل العنصري نتنياهو على أنه سيذهب للمفاوضات بشروط وقد أكد شروطه هذه في خطابه الأخير في جامعة بار إيلان عندما قال إن على الفلسطينيين والعرب الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية، ونسيان موضوع القدس الموحدة والعاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، وشطب موضوع اللاجئين، والحفاظ على المستوطنات والاستمرار في عمليات التوسع فيها؟!، وقد أكد أيضا على هذه الشروط وللأسف هذه المرة من قلب القاهرة أثناء زيارته لها واجتماعه مع الرئيس المصري حسني مبارك الذي يريد أن يكون وسيطاً لا طرفاً في الصراع؟!

السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن أكدت مراراً أنها سئمت مماطلات العدو وإضاعة الوقت وانتظار السراب، بينما العدو يصادر الأراضي ويسرقها ويستمر في عمليات الاستيطان وإقامة جدار الفصل العنصري وتهويد القدس الشرقية والاعتداء المتواصل على أراضيها وبيتها وأقصاها، دون وقفة جادة سواءً كانت هذه الوقفة من الشقيق العربي أو من الإدارة الأمريكية الداعمة للعدو أو من المجتمع الدولي الواقف مراقباً على استحياء، السلطة الوطنية الفلسطينية وهي الطرف الأضعف والمنتظرة التأييد العربي أولاً والدولي ثانياً لا تجد من هذا أو ذاك إلا ضغوطاً للمضي قدماً نحو طاولة المفاوضات؟ أي مفاوضات تلك التي يريدون منا كفلسطينيين الذهاب إليها؟.. هل نفاوض ستة عشر عاماً أخرى لكي يرفع جيش العدو حاجز قلنديا مثلاً!! أو ليسمح العدو للفلسطينيين من مختلف الأعمار الصلاة يوم الجمعة في المسجد الأقصى؟!! أو لفتح معبر إيرز (بيت حانون) بين غزة والضفة أو لفتح المعابر التجارية بين غزة وإسرائيل أو رفع الحظر عن دخول الوقود والاسمنت والحديد والألمونيوم والزجاج والأحذية؟ أو السماح للصيادين بممارسة حقهم في الصيد في بحر غزة؟ هل المطلوب من قِبل الإدارة الأمريكية ومعها بعض الأنظمة العربية الوسيطة والمتفرجة أن يظل الفلسطينيون يفاوضون في تنظيم وسائل حياتهم اليومية على حساب القضايا المصيرية والكبرى؟ وهل المطلوب أن نستعيض عن القدس وحق العودة وحدود الرابع من حزيران 1967 والمياه بفتح معبر المنطار أو كرم أبو سالم أو إيرز أو إلغاء حاجز قلنديا أو إدخال عملة الشيكل للبنوك الفلسطينية التي لا تجد فيها في كثير من الأوقات ما تغطي به حاجة عملائها! هل المطلوب من الرئيس أبو مازن أن يصبح رئيساً لبلدية أو مديراً لإدارة مدنية، ماذا تريد الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والأشقاء العرب الذين وضعوا أنفسهم كوسطاء بيننا وبين العدو الصهيوني من الرئيس أبو مازن؟ هل يدفعوا به للمحرقة أم للاستقالة، فالرجل طاقة ولديه قدرة عالية على الاحتمال..ولكن للصبر حدود.

الأجدر بكل هؤلاء الداعمين للعدو والوسطاء معه أن يمارسوا ضغوطهم على حكومة المستوطنين والفصل العنصري في تل أبيب فهي الرافضة وهي المتشددة وهي الضاربة بعرض الحائط كل أشكال التوسل والتسول التي يمارسوها، وهي صاحبة الاشتراطات النكراء، وليس أبو مازن والفلسطينيون.

إنهم كمن يجلد في المريض لا بل في الميت؟!

متى تدرك الإدارة الأمريكية الداعمة حتى أقصى درجات الدلال للعدو الصهيوني ومعها المجتمع الدولي والوسطاء العرب أنهم يُعرضون السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس المناضل الصابر العاض على الجراح للجلد من ذوي القربى الفلسطينيين المتفرجين والشامتين والشتامين والمتسترين وراء شعارات أضرت بالقضية وأسهمت في إيصالنا كفلسطينيين لهذه الحالة التعسة والمزرية، وهم للأسف محسوبين من أهل البيت.. يتفرجون على ذلك الرجل الجريح (أبو مازن) من القريب والصديق والعدو معاً يريدون له الغرق لكي يقفزوا مكانه، ويقولون في أنفسهم إن حصل على شيء فنحن شركاؤه؟! إنهم كمن يقول اذهب أنت وربك فقاتلا أما نحن فننتظر الغنائم أو إصدار بيان النعي؟!.

نحن الفلسطينيون مع أبي مازن على رأس السلطة الوطنية الفلسطينية كوننا ندرك أنه لن يذهب لمفاوضات من أجل المفاوضات.

نحن مع أبي مازن عندما يذهب للمفاوضات على قضايا الحل النهائي..الدولة الفلسطينية العتيدة على حدود الرابع من حزيران 1967 وحق العودة للاجئين الفلسطينيين أو التعويض، والقدس الشرقية عاصمة لتلك الدولة، وتفكيك المستوطنات، وتقاسم المياه.

على الأشقاء العرب وليس الوسطاء منهم أن يقرروا كيف يكونوا رديفاً قوياً لأبي مازن يمدوه بالدعم المعنوي والسياسي والاقتصادي والعسكري إذا لزم الأمر، لا أن يخضعوا للرغبة الأمريكية في الانفتاح على العدو الصهيوني ويقدموا له مكافئات مجانية تتمثل في إعادة فتح مكاتب التمثيل التجاري وفتح الأجواء والمطارات العربية أمام طائرات شركة العال الصهيونية، والسير في عمليات التطبيع بينما يوغل هذا العدو في الدم الفلسطيني وسرقة الأراضي والتوسع الاستيطاني وفرض الحصار على الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة معاً.

وتبقى كلمة لهؤلاء المحسوبين من ذوي القربى وأهل البيت المنقلبون والمتمتعون بكراسي حكومة مُقالة..آن الأوان أن تعودوا للصف الفلسطيني الواحد.. آن الأوان أن تدركوا خطورة الانقسام والتشرذم.. آن الأوان أن تلتفوا حول أبي مازن ربان السفينة الوحيد والقادر على السير بها إلى شاطئ الأمان والدولة العتيدة بإذن الله سبحانه وتعالى.. آن الأوان أن نتخلص جميعاً من النرجسية البغيضة ومن النظرة الأحادية الجامدة لكي نصل سوياً إلى القدس، ولكي نعيد الُلحمة إلى غزة والضفة معاً.. " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " فعندما تكون أجندتنا وطنية فلسطينية خالصة سنصل بإذن الله لما نريد.