...

نعم ...ولا


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

( نعـــم ) للحـوار والمصـالحـة الوطنية

( لا ) للإنتحار والمطاحنة الحزبية

بقلم : أ. محمد حسني الفّرا

2009/11/01

الحوار والمصالحة خيار استراتيجي وممر حيوي من اجل الوحدة الوطنية وحرصا على المسؤولية الوطنية والتاريخية التي تتطلب إعلاء المصلحة العليا للشعب الفلسطيني فوق المصلحة الآنيـة للفصيل او الحركة .. وتجسيدا لوفاء دماء الشهداء .. واجلالا واكبارا للتضحيات الجِسّام على مدار العقود منذ الثورة العربيه 1916 , والثورة الفلسطينية الكبرى 1936 مرورا بالنكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا .. والأهم من كل ذلك :

" حماية للمشروع الوطني والوحدة الوطنية "

الكل يسأل ويتسائل : ماهو مستقبل الحوار والمصالحة بين السلطة وحركة فتح من جهة .. وبين حركة حماس ومعها فصائل المقاومة من جهة اخرى ؟ ..

الكل ايضا يتكهن ولايجزم ..

السلطــة تقول: (( المصالحة شئ مقدس ومصرّون عليها))

وحماس تقول: (( نحن مع المصالحة , وهي مطلب لابد منه )) .

اذن هل هي معركة كسر العظام بين الطرفين ؟ هناك من يقول نحن على صواب مطلقا والآخر على خطأ مطلقا .. في هذة الحالة يكون الغاء الآخر كمن يغلق باب الحوار الذي سيوصل حتما الى المصالحة ..

ولماذا لانقول : " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " فالعاقل لايبطل حقا ولايحق باطلا .

الشعب الفلسطيني توّاق ومشتاق لسماع خبر اتفاق ووفاق بين أخوة السلاح والكفاح لأن المصير واحد , والسفينة التي ستحملنا الى برّ الأمان هي سفـينة واحدة ويكون هناك تحديد لأتجاه البوصلة – حتى لايتوه الملاح- نحو قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف , مع التمسك بجميع الثوابت والحقوق الوطنية .

المطلوب من قادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج الإرتقاء الى مستوى الاحداث , وتفعيل الروح الوطنية والاخلاقية .. وروح المسؤولية .. وأمانة القضية .. وصدق النيّة .

فالحوار والمصالحة الوطنية مطلب هام على طريق المسيرة .. بل يعتبر مفصل اساسي لحماية المشروع الوطنـي .. الغرض منه .. حماية شعب يرزح تحت الاحتلال .. الهدف منه .. حماية قضية شعب مشرد ومشتت في أصقاع الارض .. وكذلك الحفاظ على الهوية والحقوق الوطنية .. وحتى لاتحيد العربة عن مسارها الصحيح واتجاهها السّوي ..

لان الاستحقاقات القادمة كبيرة جدا .. لذا لابد من الحوار البناء .. لابد من المصالحة .. لابد من الوحدة الوطنية الفلسطينية .. والتي نعتبرها الحد الأدنى مما يجب تحقيقه على الساحة الفلسطينية والعربية ,لأنه في غياب الوحدة الوطنية ورصّ الصفوف ومن ورائهـا غياب شبه كلّي لعامل الردع سواء أكان فلسطينيا أو عربيا أو حتى دوليا سيتم استبداله بوعود وشعارات لاتسمن ولاتغني من جوع .. ولن توصل الى توافق سواء بين الفلسطينيين انفسهم أو بين الفلسطينيين والعرب .

يجب ان نتقي الله في مصير شعبنا ونصلح ذات بيننا .. ولانشـعــل نــارا لانستطيـع اطفـاؤهـا !

لأن البديل لعدم الوصول الى اتفاق ومصالحة هو الأنتحار والإجهاز على القضية بأيدينا لا بيد عمرو .. والإتجاه نحو تكريس الأنقسام والتشرذم .. والى مخاطر سياسية لايحمد عقباها على مستقبل القضية .. وقد يؤدي الى العودة مجددا الى الصدامات الدامية والحرب الاهليه ( لاسمح الله ) وبتشجيع من أطراف " لاتتمنى الخير " للشعب والقضية والرابح الأول بالطبع هو الكيان الصهيوني ومن دار في فلكه .

اين العقلاء .. اين الحكماء من ابناء شعبنا .. وماأكثرهم ؟! وحتى لاينفرط العِقــد .. حكّموا ضمائركم .. فالضمير خير من الف شاهد ... المعروف دائما انه عند الشدائد تذهب الأحقاد .

{ ومااستعصى على قوم منال ... اذا الإقدام كان لهم ركابا }

يجب ان لايراهن الطرفان على اجندة غير فلسطينية , والمصالحة يجب ان تبنى على ثقة متبادلة بين فتح وحماس لضمان استمرارها ونجاحها , ولابد من توفّر الرغبة والإرادة السياسية والحوار بعقل مفتوح وقلب نقي طاهر صدوق .

ولكن اذا مضت الأنتخابات < أيا كان موعدها > بمعزل عن التوافق الوطني فالنتيجة الحتمية والمنطقية هي مزيدا من التشرذم والانقسام وتكريس انفصال الضفة وغزة فالانتخابات يجب ان تكون جزء لايتجزأ من المصالحة الوطنية ... لانه لامستقبل لنا بدون الوفاق والوحدة ...

ولاننسى اننا مازلنا شعب محتل ولانملك السيادة .

وحتى لو تمت المصالحة لابد من التخندق الفلسطيني في خندق العمق العربي والاسلامي ليبقى زخم القضية المركزية للأمّة العربية والاسلامية باقيا , مما يضعف الاحتلال من الالتفاف على الفلسطينيين ووأد كل محاولات الصلح , كما وسبق ان نجحوا في اجهاض اتفاق مكة والقاهرة واليمن ... وكل اتفاق وتفاهم تم قبل او بعدذلك حتى تبقى حالة الانقسام والتشكيك بحجة عدم وجود شريك فلسطيني لاقامة السلام !! ومن وجهة نظر اسرائيل تريده عميلا لا شريكا وهذا لن تجده بين قادتنا ان شاءالله .. علما بأن اسرائيل لاتريد السـلام الحقيقي ( بل سلام القبور !) وتتفنن في الهروب من أي استحقاق وقعته مع السلطة سواء في اوسلو او في خارطة الطريق .. ومازالت تتمسك باللاءات حول القدس والاستيطان وحق العودة .... فالعدوان لم يتوقف .. الاستيطان لم يتوقف .. جدار الفصل العنصري لم يتوقف .. التهويد لم يتوقف .. سياسة الأبارتهايد لم تتوقف ..

ولاتنسوا ان اسرائيل تقول :

" بأن العربي الطيب هو العربي الميت "!

وعليه نرى انه من الواجب مساعدة الطرفين للخروج من عنق الزجاجة , والطرف الثالث لابد ان يكون مقبولا ونزيها ومحايدا .

في تصريح لوزير الخارجية المصري "ابوالغيط" منذ يومين بأن القضيــة الفلسطينية تعتبر قضية أمن قومي لمصر .. اين نقف نحن اذن من قضيتنا ؟

لماذا لانأخذ العبرة من الاتفاق السني الشيعي في العراق حيث تم الاعلان يوم السبت 31/10/09 عن ائتلاف وحدة العراق تحت شعار نعم للوحدة ويعتبر اول تكتل سياسي ( شيعي – سني ) والهدف منه هو بنــاء دولة المؤسسات واعادة بناء الجيش والاجهزة الامنية على اساس الكفاءة والمهنية والولاء للوطن ... بعيدا عن الطائفيــة .. اذن هناك تسامح من اجل التغيير

هنـــاك نقــــاط كثيرة نراها مهمة قد تصلح كاأساسيات لإنهاء الخلافات الفلسطينية من اجل عملية المصالحة واحياء المشروع الوطني الفلسطيني بشرط صدق النوايا منهــا :

  1. ايقاف فوري لحملات التشهير والقذف من الطرفين
  2. لابد من خطوات استباقية تعيد الثقة بين الجانبين (مثل اطلاق سراح المعتقلين السياسيين , زيارات متبادلة بين كوادر الطرفين في كل من غزة والضفة , عقد مؤتمرات صحفية معـا .. الخ)
  3. تشكيل حكومة وفاق وطني تحظى بقبول دولي , ويكون لها المقدرة على رفع الحصار المفروض على قطاع غزة
  4. تشكيل لجان مصالحة وطنية " مهنيّة" توفيقية ومحايدة ومخلصة لحل جميع نقاط الخلاف ويتفرع منها لجان لحل المشاكل الداخلية ومعالجة كل الأخطاء والتجاوزات الناجمة عن احداث غزة 2006 وماتبعها من اعمال( حتى لاتتفاقم عمليات الثأر والانتقام والعمل على احلال روح التسامح والمحبة , وتعويض المتضررين ,

وارجاع الحقوق لاصحابها )

  1. ادخال واشراك جميع القوى والفصائل الفلسطينية الفاعلة لتكون المصالحة شاملة
  2. البدء فورا بعملية اعمار غزة
  3. اعادة بناء وتشكيل وتطوير منظمة التحرير(الرجوع الى كتاب منظمة

التحريرالفلسطينية- تقييم التجربة واعادة البناء/خلاصة آراء وافكار 16

خبير وباحث متخصص في الشأن الفلسطيني)

  1. اختفاء كافة المظاهر العسكرية والاستعراضية المسلحة في الشوارع والميادين العامة
  2. العمل على تقوية ومساعدة رجال الأمن الداخلي لحفظ الامن خوفا من الانفلات الامني
  3. تدخل جامعة الدول العربية لفترة انتقالية محددة بالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني للاشراف على فتح المعابر وتسهيل عمليات العبور من والى غزة وكذلك لحراسة وحماية الدوائر والمؤسسات الحكومية .
  4. تحديد موعد لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة مع

ضمان النزاهة والشفافية بشرط اعتراف دولي بما تتمخض عنه

نتيجة الانتخابات حتى لاتتكرر المأساة وكأنك ياابو زيد ماغزيت

  1. الأخذ بوثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني التي قدمها الاسرى في

سجون الاحتلال والتي تحمل توقيع خمس فصائل رئيسية وفاعلة

على الساحة الفلسطينية

13- على السلطة القادمة الاّ تسقط خيار المقاومة والاّ تجعل المفاوضات تدور في حلقة مفرغة والى مالانهاية لأن اسرائيل مطمئنة للخيار الاستراتيجي (خيار السلام) بعيدا عن التلويح بالرجوع الى خيار المقاومة - لاننا مازلنا شعب محتل - والذي ضمنتّه واقرته كل

قرارات الشرعية الدولية ,(ولابد لعملية السلام من مرجعية اقلها الانسحاب حتى حدود حزيران67 وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ) حتى تؤتى ثمارها وتلزم اسرائيل في حال الاتفاق.  

(( الجميع يتذكر يوم 13/11/1974 عندما تحدث لاول مرة السيد

ابوعمّار في الجمعية العامة للامم المتحدة (منذ 35عاما) قائلا : "اتيت الى هنا حاملا غصن الزيتون بيد , وبندقية الثائر من اجل الحرية في اليد الاخرى فلا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي".

وحينها نال احترام واعجاب العالم , ووقتها منحت منظمة التحرير الفلسطينية <صفة مراقب> في المنظمة الدولية.

كما ويحسب للسيد / ابومازن اصراره واستعداده للمضي قدما في المصالحة رغم التهديدات الامريكية بوقف المساعدات للسلطة اذا وافقت على المصالحة مع حركة حماس ... وهذا يجسد الحسّ الوطني بتغليب المصلحة الوطنية والقومية ومستقبل القضية على ماسواها .

وكذلك رفضه للصفقه التى عرضتها هيلاري كلينتون – اثناء اجتماع ابوظبي – لإستئناف المفاوضات مع اسرائيل وأصّر على موقفه الثابت من وقف الاستيطان اولا ,لان امريكا لم تستطيع حتى الان الزام اسرائيل بذلك

مع ان السلطة ادّت التزاماتها تجاه خارطة الطريق .

 

14 – وعلى حركة حماس بأن تكون على مستوى المسؤولية التي منحها لها شعب فلسطين في الانتخابات السابقة وعدم ادارة الظهر لكل التاريخ الوطني الفلسطيني منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة يناير عام 1965 وعدم نسيان او تناسي تضحيات الشعب الفلسطيني بكل اطيافه ومعه الشعوب العربية على مدار عقود مضت وحتى اليوم .

وخيار المقاومة يجب ان يكون خط موازٍ تماما للمفاوضات حيث ان كلاهما يدعم ويقوى الآخر للحصول على مكاسب سياسية للوطن .

ومن غير المعقول ان نضع كل البيض في سلة خيار المفاوضات أو حتى سلة خيار المقاومة لانه لابد من اخذ الظروف الدوليه واللاعبون الدوليون الفاعلون في الاعتبار ان كنا جادّون في الحصول على حقوقنا .

وحتى تكون لعبة الانتخابات جادّة وعملية وليست شكليه بالامكان اجراء استفتاء بين الشعب ( هل من المفيد اجراءالانتخابات قبل المصالحة ام بعدها ) واعتماد مايقرره الشعب الذي هو مصدر السلطات باختياره لحكامه وممثليه في مؤسسات صنع السياسات واتخاذ القرارات لتجسيد الديمقراطية الحقيقيه .

نتمنى على جميع الأطياف في المجتمع الفلسطيني ان يغرّدوا داخل السرب وساعتها فقط سنسمع الحانا عذبه , وسيمفونية رائعة , ونشيد واحد , وسنتعالى على الجراحات والاهانات من اجل توجيه الطاقة نحو رصّ الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية للتفرغ الى المعركة الاهم مع العدو المشترك .. لان الوطن اكبر منا جميعا .. كما الشهداء الذين هم اكرم منا جميعا .

قادتنا الكرام , الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربيه الواعيه في انتظار سماع قرارات فاعلة وحاسمة من اجل الوحدة والاتفاق والوفاق ,لانها فعلا ستكون الموئل الاخير والحضن الحاضن والحصن المنيع للشعب الفلسطيني ومشروعها الوطني وهذا سينعكس ايجابا بأذن الله على الشعوب العربية والدول المحبة للوحدة .

وان لم تفعلوا فلن تغفر لكم او تسامحكم الشعوب .. فالقدس الطاهرة المطهرة .. مثخنة بالجراح .. مثقلة بالطعنات .. تستصرخكم بالاّ تنسوها ..


وبدون الحوار الذي سيؤدي الى المصالحة سيكون هناك قلق دائم ..وتوتر مستمر .. وخوف من المستقبل , وخوف على مستقبل الشعب والقضية فكما تدين تدان.. والبديل هو الانتحار بكل معانيه .. واعلموا ان الوحدة والمصلحة الوطنية فوق القانون بل والدستور !

اضاءات

  • لاينكسر قارب الحياة مادام هناك مجداف اسمه الأمل .
  • جزى الله الشدائد كل خير عرفتني عدوي من صديقي .
  • من اطاع غضبه .. اضاع ادبه .
  • قال الممكن للمستحيل : اين تقيم ? قال المستحيل : في قلب عاجز .
  • { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق , وانت خير الفاتحين }
  • وكان دعاء رسولنا الاعظم" اللهم اهدِ قومي فانهم لايعلمون"
  • قال الامام الشافعي ابن حي الزيتون بمدينة غزة (رحمه الله):

 

نعيب زماننا والعيب فينـا

ومالزماننـا عيـب سوانـا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب

ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئب

ويأكل بعضنا بعضا عيانا

للتواصل : m.f.farra@hotmail.com