...

هل يحق لموشي ديان أن يقول ذلك ؟


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

هل يحق لموشي ديان أن يقول ذلك ؟!

بقلم/ صابرين الفرا

على الرغم من حداثة إقامتي في المدينة الكندية الصغيرة والتي ان شبهتها فهي أشبه لقرية في مدينة ما - ليست صغيرة بحجم قطاع غزة!! – إلا أن هناك ما لفت انتباهي، عادات وتقاليد السكان الأصليين في هذه المدينة الصغيرة من أخلاق وحسن معاملة وبساطة ، ولكن أكثر ما لفت انتباهي هو ما من شخص إلا وفي يديه كتاب! تركب الباص تجد الراكب في يده كتاب يقرأ حتى لو كانت المسافة صغيرة حتى وانت تحدث نفسك ماذا قرأ خلال هذه المدة القصيرة- حتى وصل لمحطته! – سائق الباص نفسه يقف في المحطة لبضع دقائق تجده يفتح كتاب ويقرأ ! في الحدائق تجدهم جالسين يقرأون في المقاهي العامة، ولا تستغرب ان قلت لك بأن هناك من يفتح كتاباً ويقرأه وهو يمشي في الشارع في طريقه لبيته او لعمله او لأي مكان ما، فتخيلت وضعنا في بلادنا حيث تجد صورة معاكسة تماماً لا تجد قُراء وكأن القراءة أصبحت شيئ ليس له أي نوع من الأهمية وأصبح هناك ما هو أهم من القراءة بالنسبة لنا ! مثل كتابة المسجات على الموبايل والدردشات و و و الى ما لا نهاية من الملهيات التي تأخذ وقتنا وتهدره بلا فائدة ، وهذا ما استحضر في ذهني قصة موشيه ديان رئيس وزراء حكومة الاحتلال الاسرائيلية في حرب أكتوبر حيث كان يريد أن يعيد تطبيق نفس الخطة التي تتبعها في حرب 1967 في الحرب التالية وهي حرب اكتوبر وعندما قال له احد جنوده بأنها خطة مقروءة وقديمة فكان رده بأن العرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يطبقون وإذا طبقوا لا يتقنون !!!

فقد اتفق معه بأن العرب لا يقرأون ولكني على ثقة بأنهم يفهمون ويستيطعون التطبيق واتقان العمل ولكن للأسف تنقصهم ثقافة القراءة فهذا بالظبط ما يريده العدو أن نكون شعوباً لا تفقه شيء، غير مثقفين لا نعي ما يدور حولنا فإنهم يحاولون بقدر المستطاع تدمير عقولنا وأطفالنا وشبابنا وشغل أوقات فراغنا بأشياء لن تفيدنا بالقدر المطلوب وابعادنا حتى عن الأشياء المهمة والأساسية في ثقافتنا وحضارتنا منذ الجاهلية وحتى أن نزل القرآن على لسان سيدنا جبريل عليه السلام فكانت بأول كلمة منزله وهي إقرأ !!! حتى وصل بنا الحد إلى أننا ابتعدنا حتى عن قراءة القرآن الكريم منهجنا الإسلامي لتسيير حياتنا في هذه الدنيا لنصل بسلام لدار البقاء ، فتجد بعضنا لا يقرأه إلا في شهر رمضان وكأنه فقط كتابُ موسميَ لا كتاب فيه منهج لتسيير حياة!

على الرغم من معرفتي بأن هناك مشاريع سواء كانت صغيرة على مستوى منطقة ما أو كبيرة على مستوى دولة بأكملها تُنظم عن طريق مؤسسة وطنية كُبرى كما في مشروع القراءة للجميع إلا أن الظاهر هو عدم نجاح هذه المشاريع والإقبال عليها وكأننا شعوب أصبح بيننا وبين الكتاب جفاء وعداوة !

يجب علينا أن نبدأ بأنفسنا الأب والأم ثم المدرسة ولتكن صفة القراءة خصلة وراثية رائعة يرثها الطفل من أمه وأبيه حيث أننا نورث أبناؤنا الكثير من العادات والتقاليد منها الصالح ومنها الطالح منها الجميل ومنها القبيح فلماذا لا نسعى على تورثيهم هذه العادة الجميلة وهي القراءة ؟! اكثر ما عجبني قصة حدثت لي في الباص فقد كنت عائدة من المركز التجاري وكانت هناك أم بيدها كتاب وبجانبها طفلاها وتقرأ لأكبرهم قصة بصوت مرتفع وتمثل القصة – في الباص ؟!- نعم في الباص ! فهذا ما يريدوا أن يورثوه لأبنائهم.

المدرسة بعد البيت لها دور آخر للتقريب بين الكتاب والطفل فلماذا لا يكون هنا برامج مدرسية لتشجيع الأطفال في المراحل الإبتدائية على القراءة ، ويأتي دور المؤسسات الأخرى مثل مؤسسات العمل المجتمعي في البلد بإنشاء المكتبات العامة وعمل أيام مفتوحة للقراءة.