...

هناك فرق ......


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل


هناك فرق ......

في 10 يونية حزيران 2010م.

بقلم : الدكتور / عبدالشكور عبدالرحمن موسى الفرا 

لقد علمتنا الحياة أن لا معنى لها دون صداقة حقه ،ويمكن لنا أن نتساءل ؟ من هو الصديق الحقيقي ؟ وهل يوجد صديق حقيقي في هذا الزمان ؟ كما يتساءل الكثير عن الصداقة وأهميتها ، فمنهم من يقول أنها في طريقها للزوال في عصر يتميز بالماديات . وآخرون يتساءلون عن كيفية إقامة صداقة حقيقية في زمن أصبح من الصعب العثور فيه على صديق مخلص ! إن الكثير من الناس يحتاج إلى شخص يستطيع أن يروي له قصة حياته دون الإحساس بالخجل والحرج من مناقشة أدق الأمور الخاصة بهم . الصديق هو الذي يكون معك في السراء والضراء في الفرح والحزن في السعة والضيق وفي الغنى والفقر ، وهو الذي ينصحك إذا رأى عيبك ويشجعك إذا رأى منك الخير ويعينك على العمل الجيد ، وهو الذي يرفع شأنك بين الناس وتفتخر بصداقته ولا تخجل من مصاحبته والسير معه ، وهو الذي يفرح إذا احتجت إليه ويسرع لخدمتك دون مقابل .

لقد تغير مفهوم الصداقة في عصرنا الحالي وأصبحت هناط صداقة واحدة تسمى صداقة المصالح . فالصداقة الحقيقية هي نوع من أنواع الحب وهي مسئولية مشتركة لا تُبنى من طرف واحد أبداً ، وهي البستان الذي تُغرس فيه بذور الحب والاحترام والاهتمام والتقدير والتضحية والتواصل والتسامح فنشعر بالثراء النفسي ونجني ثمار السعادة الحقيقية في الحياة .

وإن لم يكن لك صديقاً بهذه الصفات فحاول أن تتحلى بها مع من حولك وأعمل بالحكمة التي تقول " كن صديقاً ولا تطمع أن يكون لك صديق " . لقد أصبحت الصداقة في هذا الزمن كالسراب تظهر مرة وتختفي مرة أخرى .

وخلال مشوار الحياة تعرفت على الكثير من زملاء الدراسة ، العمل ، الحياة ، الرياضة . ومنهم من وضع نفسه مكانة أخ ، صديق ، زميل ، رفيق عابر ، رفيق بلا معنى . ويقال ما أكثر الأصدقاء حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليلُ .

لكنني أرى أن الصداقة الحقيقية هي تلك التي تنشأ بين الأفراد بالفطرة دون تجمل بعيداً عن صداقة المصالح سريعة الزوال  

وهنا يمكن لي أن أروى من ذاكرتي قصص موجزة من الصداقة الحقيقة التي نشأت وترعرعت بين مجموعة كبيرة من الشباب جمعتهم صداقة حقيقية نادره فقد نشأت هذه الصداقة بين مجموعة من شباب الحارة والمنطقة زملاء مدارس وجيران وزملاء رياضة . فجميعنا يسكن في منطقة الشيخ ناصر بمدينة خانيونس الباسلة ، كنا نعرف بعضننا جيداً ولكن السر الحقيقي في بداية صداقتنا الحقيقية هي كرة القدم تلك الرياضة المجنونة التي جمعت بييننا وغرست في قلوبنا ومشاعرنا حب الصداقة والإخلاص الحقيقي فلقد بدأت هذه الصداقة منذ منتصف السبعينات في القرن الماضي وهي لازالت مستمرة حتى وقتنا الحالي رغم مرور سنوات ليست بالقليلة إلا أننا نشعر بحقيقة مشاعرنا وصداقتنا عندما نلتقي كأفراد أو مجموعة مازالت نفس المشاعر نفس الأحاسيس لم تستطع السنوات الطويلة أن ئؤثر فيها وهي لم تتأثر بالعوارض التي مرت عليها فهذه الصداقة باقية بيننا ما دامت الحياة باقية ، وهي ظاهرة لن تتكرر بين أي جيل من الأجيال الشابه الحالية لأن نفوس الناس أصابها الكثير من الخلل أفقدها مشاعر وأحاسيس الصداقة الحقيقية .

كنا مجموعة من الأصدقاء ولكنني أخص منهم : شكري ، محمود ، مجدي ، سامي ، سمير ، جما ل ، أسامة ، عبدالخالق ، زياد وغيرهم الكثير مجموعة فريق الشيخ ناصر الرياضي . كنا نتقابل في الأجازة صباح كل يوم نذهب سوياً إلى مكتبة فلسطين في البلد لنقابل الأخ والصديق أبو قاسم بفريق الأهلي ونتحاور معه في حديث رياضي يدل على مدى صداقتنا وقربنا من بعضنا ثم نذهب إلى شاطيء البحر ونعود من البحر إلى ممارسة لعب كرة القدم بملعب الثانوية بعد عصر كل يوم ، ثم نلتقي بعد صلاة المعشاء ونجلس نتحدث مع بعضنا ، ونذهب أحياناً إلى البلد لنتقابل مع مجموعة من شباب فريق البيوك ، فريق الزمالك وآخرون .

  خلاصة القول لم تقتصر الصداقة علينا فقط بل إمتدت إلى مجموعات أخرى كثيرة داخل المدينة وخارجها بل إمتدت إلى أصدقاء في رفح ودير البلح وغزة . كان الحب والإحترام هو الصفة التي تجمعنا ولا تخلى الحوارات بيننا من القفشات المضحكة دون زعل أو ملل ، ولا نكاد نفترق حتى نلتقي .

وفي شأن آخر وبالنظر إلى ما يدور حولنا في هذه الأيام لقد كانت الإهتمامات تتجه نحو تداعيات حالة الإنقسام على الساحة الفلسطينية ونتائجها السلبية التي ألحقت الضرر بكافة مناحي حياة الشعب الفلسطيني وعن الحلول الممكنة للخروج من هذه الحالة بما يرضي كافة الأطراف ويحقق طموحات الشعب المكافح . لكن الإهتمام تحول إلى تداعيات الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية المحمل بالمساعدات الإنسانية إلى أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر ، وأصبحت الصورة الحالية هي شعب محاصر ينتظر دخول المساعدات والمعونات من الأشقاء والأصدقاء والغرباء وفق العديد من السيناريوهات . 

وأمام هذه التوجهات والتطورات يجب على الأطراف الفلسطينية أن تستفيد من التوجهات الحالية ، وأن نساعد أنفسنا نحن بالخروج من مشاكلنا الداخلية وإنهاء حالة الإنقسام بين الأشقاء وإعلان المصالحة الحقيقية التي تأخذ بالمصلحة العامة وتبتعد عن المصالح الفئوية الضيقة ، وتغليب العقل والمنطق والواقع على العواطف ، وأن نمنح قضيتنا القوة اللازمة ونعيدها إلى وضعها الحقيقي أمام العالم ، بما يخدم طموحات وأمنيات شعبنا الفلسطيني وأن يزول الحصار بكافة أشكالة وأنواعه وأن ينعم شعبنا الفلسطيني بالحرية بمعناها الحقيقى ، وأن نركز إهتماماتنا على بناء الوطن والمواطن على أسس سليمة دون تمييز .

إذن هناك فرق بين الصداقة الحقيقية وصداقة المصالح ، هناك فرق بين من يقدم النصيحة ومن يمتنع عن تقديمها ، هناك فرق بين من يسارع إلى لم شمل الأشقاء ومن يتباطأ أو يمتنع ، هناك فرق بين من يبني ومن يهدم . هناك ......... ، لنسارع إلى البناء القوي والحقيقي لتدوم معه الصداقة بين الأصدقاء وتعود المحبة بين الأشقاء ، يجمعنا وطن واحد . ومع ذلك الشعب الفلسطيني الصابر المناضل ينتظر وقد طال إنتظاره !

نعم هناك فرق !

والله الموفق ،،،،