بين ترخيص الرذيلة و التجنيد الإجبـاري لنا وقفـة

بقلم/ محمود رفيـق الفرا

4/8/2010

قلَّمَا وقفت أمام خبر من الأخبار معلقـًا بمدح أو ذم , بقناعة منِّـي بأننا في نهاية الأمر مجرد مُبَلَّغين بخبر أو مأمورين بأمر أو ما شابه ذلك , إلا أنني في الأيام الماضيـة استوقفتني مجموعة من الأخبار وجدت أن التعليق عليها واجب ديني  قبل أن يكون وطني بل و يدخل ضمن إقامة الركن السادس من أركان الإسـلام  ألا و هو الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في زمان (و أنا مالي!!).

التجنيد الإجبـاري خيـر عظيم في طريقه لبيوتنا و عقيدتنا, هذا هو أول تعليق لي على الخبر الذي تناولته وسائل الإعلام حول نيـة الحكومة الفلسطينية في غزة فرض التجنيد في غزة تدريجيـًا و هو أمر لو تعلمون عظيم , و فيه الخير الكبير , كيف لا و طاعة الشباب لهذا الأمر فيها طاعة عظيمة لله تعالى فطاعة ولي الأمر من طاعة الله ما دامت في معروف, و التجنيد أو إن شئت فقل (الاستعداد للجهاد) من خير الطاعات المقربة لله تعالى , لقول الله تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ). فهذا التجنيد الإجباري هو عين الاعداد المادي بالإضافة إلى الأسلحة و الإعداد الإيماني, و هذه فرصة عظيمة جدا للشباب حتى ممن وصلت اعمارهم لسن الثلاثين أن يطيعوا الله تعالى بهذه الطاعة العظيمة خاصة و هي الآن تأتي باستنفار رسمي من ولي الأمر القائم على مصالح المسلمين في غزة حتى و إن اختلفنا معه أو اختلف البعض مع الطريقة التي جاء بها , فهو الآن في حكم كتاب الله و سنة رسول الله ولي أمرنا و طاعته من طاعة الله تعالى.

هل تعلم شيئـا عن ترخيص الرذيلة ؟ ... هذا ليس عنوانـًا لفيلم مصري و لا لمسلسل من مسلسلات شياطين رمضان بل هو حقيقة تعيشهـا شوارع غزة في هذه الفترة , و قد انزعجت جدا عندما علمت بها وودت لو أن الخبر كان كاذبـًا و لكن للأسف كان حقيقة تشهد بها الشوارع التي أُغلقت لإقامة الحفلات الماجنـة التي فيها من المعاصي و المجاهرة بالمعاصي ما لا يطيقه مسلم موحد بالله تعالى , بل إنَّ فيها وقاحـة مع الله , كيف لا و هؤلاء الفتيـة يقفون في مكان عام و أمام العالمين يرقصون و يتمايلون و يشربون السجائر و ماء الشعير المشبوه كل ذلك على أنغام الموسيقى الصاخبـة و في ظل سخط من مرضى الحي و طلابه !!!

و هو أمر كان يحدث في بلادنا منذ أمد بعيـد و لا حول و لا قوة إلا بالله و هذا أمر أشبه بالكارثـة , لكن المصيبة التي عمـَّت أن هذا الأمر أصبح اليـوم يحصل فاعله على ترخيص و شهادة بالإباحة, بل أصبح يفعله في حراسـة رجال الأمن , فكيف بالله عليكم يحدث هذا الأمر في بلاد يرفع فيها أذان التوحيـد خمس مرات في اليوم؟!

أنا لم أكتب في هذا الأمر انتقادًا للقائمين على أمرنا في البلاد و لكن لأنني أظن فيهم الخيـر و أعتقد أنهم يقصدون من ذلك الخير و لكن كم من مريد للخير لا يصل له, فأنا أعتقد و العلم عند الله أن القوة ذاتها التي من خلالها تم فرض التراخيص على من يريد أن يفعل هذه المصائب تمكننا القوة ذاتها من منع هذه الاحتفالات المخالفة لشرعنا الحنيف و لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم, فهذه رسالة إلى القائمين على أمرنا , اختمها بخير الكلام و الذي ساوى فيه ربنا سبحانه بين إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و معهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا ترخيص المنكر و إباحته و حراسته, فقال ربي (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). 

و أخيـرًا ... هل ستذهب إلى مهرجان طيور جهنم ؟! نعم هذا هو الإعلان الحقيقي الذي لابد أن يوزع على أطفالنا في غزة , فالقناة التي يقال أنها طيور الجنـة هي في حقيقة الأمر تقدم مادة من مواد جهنم , فلا فرق بينها و بين قناة روتانا بأنواعها إلا في الكلمات بينما الموسيقى مشتركة بين الأطراف, نعم هما ليسوا سواء و لكنها بكل تأكيد ليست طيور الجنـة , بل إنها تقدم خطرًا عظيمـًا ألا و هو تعليم أطفالنا أن التحريم في الأغاني جاء من الكلمات و هذا تعويم للحقيقـة و تشويش واضح على أصل الداء , فالحديث الذي فيه التحريم لم يعلق التحريم على الكلام بل على المعازف لقول النبي صلى لله عليه وسلم (يأتي زمان على أمتي يستحلون فيه الحرا والحرير والخمر و المعازف) و الآيـة التي فيها التحريم أيضا ربطت بين التحريم و بين الكلام المصحوب بالموسيقى أو ما يعرف في معاجم العرب الغناء لقول الله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) و فيها أقسم ابن مسعود ثلاثا أنها الغناء.

فهذه القناة و ما تقدمه هي بكل المقاييس عسـل واضح جدا إلا أنه يحتوي على سم دفين لا تظهر آثاره إلا بعد أن يتمكن من الجسـد فإياكم و طيـور جهنــم !!

و في الختام استودعكم الله