...

أخطأنا قبل أن تخطيء قطـر


محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

التفاصيل

أخطأنا قبل أن تخطيء قطــر

بقلم/ أ. محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

عبر الكثير من أبناء شعبنا عن غضبهم الشديد من الطريقة التي عرضت بها قطر خارطة فلسطين أثناء افتتاح دورة الألعاب العربية 2011 , فقد تم عرض خارطة فلسطين على أنها الضفة الغربية و قطاع غزة بصورة مجتزأة تماما و منفصلة عن بعضها البعض, كما أظهرتها العديد من وكالات الأخبار.

و أعتبر الجميع أن قطر أظهرت بذلك وجهها القبيح بل وجهها الصهيوني, فكيف لها أن تفعل ذلك و نحن نتحدث عن فلسطين التاريخيـة, قال ذلك القائلون و نسوا أو تناسوا أن قطر لم تخطيء إلا بعدما أخطأنا نحن الفلسطينيون, نعم أخطأنا عندما تحدثنا قبل ذلك عن قبولنا بدولة على حدود 1967, ثم أخطأنا أكثر فأكثر عندما سمحنا للانقسام أن يستمر و يمتد ليصل بين الأخوة في البيت الواحد.

أخطأنا قبل أن تخطيء قطر, فنحن من مزقنا قضيتنا و عملنا على تلوينها بألوان مختلفة متنافرة, بعدما كانت ألوان متناسقة متلاصقـة, أصبحت قضيتنا صفراء تارة و خضراء تارة أخرى, و حمراء في أماكن و سواد في أماكن أخرى, أخطأنا يوم ضيعنا المقاومة و العمل الجماعي ضد الصهاينة, و أصبحت كل أعمالنا ضد ذاتنا, فجاء الانقسام و معه جاء الركود الشديد في الضربات المصوبة لصدر العدو, و أصبحنا نسمع التنديد الذاتي أكثر من سماعنا للتنديد بالعدو و جرائمه.

لا يعني ذلك أن قطر لم تخطيء, و لا يعني ذلك دفاعي عن قطر و أميرها, فموقفهم لا شك أنه أصاب كبد الخزي و العار, و لكن علينا أن نبحث عن أصل المرض و العيب لا أن نبحث عن أعراضه, فأصل المرض انقسامنا, و من أعراضه ما أقدمت عليه قطر و ستقدم عليه كل البلاد بعد ذلك, لأننا هونا على أنفسنا و بالتالي لابد أن نهون على الناس.

أخيرا, تعالت أصوات منددة بعدم خروج تنديد واضح من السلطة الفلسطينية جراء هذا التصرف, بل و كيف يظل رئيس السلطة جالسا في الاحتفال و كان عليه أن يغادر, و هذا في الحقيقة أمر لا يمكنني الاقتناع به, لأنه من طلب دولة بتلك الحدود و المواصفات, فكيف يمكن له أن يعترض, الاعتراض لابد أن يخرج من جهات لا تؤمن من الأصل بدولة على حدود 67 , من جهات لا تخاف في الله لومة لائم, من جهات تعتمد في رزقها على الله و ليس على دعم من هنا أو هناك, عندما تأتِ هذه الجهات و تولد وقتها يمكننا أن نقرأ أو نسمع تنديدا فلسطينيا رسميا بما أقدمت عليه قطر.