...

إعلامنا إلى أين؟


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل


إعلامنا إلى أين؟


بقلم / يحيى ناجح الفرا


إن النجاح الإعلامي يعتبر من أهم أسباب نجاح هذه الدولة أو تلك في سياستها الخارجية ،والإعلام الناجح يعتمد على خطة محددة وأهداف مرسومة وأدوات وأساليب متعددة . فالإعلام ليس عملا ارتجاليا عفويا كما يتخيله البعض في مجتمعاتنا العربية بل هو عمل جاد يهدف بالدرجة الأولى إلى خدمة أهداف الدول والشعوب ، فهو يستلهم مادته من الواقع والإحداث الجارية واستغلالها الاستغلال الأمثل دون أن يمس بجوهرها الحقيقي

ولما كان للإعلام هذا الدور المهم في خدمة قضايا الدول والشعوب فقد لجأت الدول إلى إقامة وزارة خاصة بالإعلام تعمل على خدمة أهدافها وتدعيم سياستها والدفاع عنها محليا وإقليميا ودوليا

وهنا يثور التساؤل أين إعلامنا العربي والفلسطيني من الإعلام العالمي بصفة عامة والإعلام الإسرائيلي بصفة خاصة ؟

إن نصيب إعلامنا الفشل تلو الآخر شأنه في ذلك شأن المجالات الأخرى فالرأي العام العالمي أصبح يستمع إلى الإعلام الواقعي البعيد عن الديماجوجية المتأصلة في إعلامنا العربي والفلسطيني الذي بات عليه ضرورة توخى الصدق في رسالته الإعلامية حيث لا مجال للمزايدات والأكاذيب والافتراءات التي اعتاد عليه إعلامنا في تعامله مع الوقائع والإحداث حيث نصيبه النتائج العكسية والفشل الذريع

ويملك العالم العربي العديد من أسباب النجاح الإعلامي إن أحسن استغلالها حيث التقاليد الحضارية العريقة والتراث الحضاري الاتصالي المستمدين من الخبرة الإسلامية العربية إضافة إلى المقومات المادية المساندة الإعلام

إن فشل الإعلام العربي ما هو إلا تعبير عن فساد الواقع العربي وعدم قدرته على التعامل مع الواقع وموائمة طبيعة المراحل المتلاحقة .. كما انه يعكس صورة سلبية لنجاح الإعلام الإسرائيلي . فالإعلام العربي يعبر عن السلبية والجمود والشلل الذي يميز السلطات العربية في تعاملها مع الواقع

إن المتتبع لمجريات الإحداث ليلحظ بوضوح مدى الفشل الإعلامي العربي الذريع في مواجهة الإعلام الدولي والإسرائيلي على كل الأصعدة والمستويات

فعلى المستوى المحلي فشل في العلاقة بين الحكومات والشعوب حيث التراشق الإعلامي الحزبي البغيض وابتداع أسلوب الردح السياسي الذي عمق من الانقسام في المجتمع الواحد ومجتمعنا الفلسطيني مثال صارخ لهذا النموذج.

وعلى المستوى الإقليمي حيث الفشل الإعلامي في العلاقة بين قيادات الدول العربية واستخدام أسلوب التهجم الشخصي والعبارات البذيئة

أما على المستوى الدولي فيتجلى الفشل الإعلامي في مواجهة العديد من الوقائع والإحداث التي لا حصر لها التي لو أحسن استغلالها لكانت نقاط ايجابية في صالحه. لقد اعتاد إعلامنا العربي ان يردد ما تتناقله وسائل الإعلام العالمية بل والإسرائيلية دون ان يجهد نفسه عناء التعليق عليها

لقد أصبح الإعلام عندنا عملا ارتجاليا يستخدمه البعض وسيلة للارتزاق دون أن يكون لديهم أدنى درجات التخصص والخبرة والدراية في هذا المجال ومما زاد الوضع صعوبة أن وزارات الإعلام في عالمنا العربي سنت قوانين للمطبوعات والنشر لتكون سيفا مسلطا على الإعلاميين وهي بذلك تحد من حرية الرأي والرأي الآخر

وهنا لابد من أن نؤكد أن توفير مناخ حرية الرأي يمهد لإقامة العلاقة المتينة بين الحاكم والمواطن والتي ستفضي في نهاية المطاف إلى إيمان المواطن بقضايا وطنه والتفاني في الدفاع عنه حتى تحقيق الانتصار . أن إيمان المواطن بعدالة قضيته وإيصال الرسالة الإعلامية له بطريقة صحيحة بعيدة عن الكذب والمزايدات يقود إلى اقتناعه بعدالتها والدفاع عنها مهما كانت التضحيات

فالإعلام ليس بمعزل عن الواقع بل انه يعيش على الواقع وينغمس فيه ويقع على إعلامنا الفلسطيني الدور الأكبر في المشاركة ببناء مجتمعنا على الأسس السليمة وإعادة الوئام إليه من خلال القلم الهادف والتوعية الصادقة وتحييد الصحافة وتكريسها لخدمة قضايانا المصيرية والنهوض بأدوات الإعلام المختلفة والبعد عن الحزبية البغيضة