...

المحور الرابع: الرد على المزاعم اليهودية


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

المحور الرابع

الرد على المزاعم اليهودية

 

 

    يدعى يهود اليوم والكثير من المؤرخين أن مكان الهيكل في القدس؛ وبالتحديد تحت بناء المسجد الأقصى ، حتى المؤرخون المسلمون تكلموا عنه واعتبروه حقيقة تحت المسجد الأقصى، ويدّعون أيضا أنهم من نسل إبراهيم ومن نسل يعقوب وموسى وداود وابنه سليمان عليهم السلام:

أولاً : القرآن الكريم تكلم عن داود وعن ابنه سليمان ، وعن حياة سليمان وقصصه مع بلقيس والهدهد والنملة ومع الجن وعن أحداث تبدوا أقل أهمية من الهيكل فلماذا لم يتكلم عن الهيكل؟!

المؤرخون المسلمون عندما تكلموا عن سليمان عليه السلام استشهدوا بالقرآن، وعندما تكلموا عن الهيكل لم يستشهدوا بالقرآن ، لأن القرآن لم يتكلم عن الهيكل .

ثانياً : معظم كتابات المؤرخين ، أُخذت من التوراة ، وكتبت التوراة في فترة لاحقة لظهور اليهود في فلسطين بأكثر من سبعمائة سنة ، ومعظمها كتب بعد سبي اليهود إلى بابل ، لهذا كتبت موضوعاتها بطريقة تربط اليهود بفلسطين .

ثالثاً : اليهود منذ موسى عليه السلام حتى داود وابنه سليمان عليهما السلام ، كانوا لا يتفقون مع أنبيائهم ، بل كانوا يقتلون الأنبياء ويؤذونهم ، وكادوا يقتلون هارون عندما ذهب موسى عليه السلام لميقات الله ، وأن اليهود الذين آمنوا بداود وسليمان كانوا قلة ، خاصة بعد وفاة سليمان اختلف اليهود وانقسموا على أنفسهم ،وهذه القلة التي آمنت بسليمان كانت مسلمة ، لأن سليمان كان يدعو إلى عبادة الله وحده ولم يقل عُزير ابن الله ، أو عيسى ابن الله ، بل دعا إلى الإسلام ، والدليل عندما دعا بلقيس كَتب لها يقول :

   " إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألاّ تعلوا عليَّ وأتوني مسلمين ".

 (النمل:الآيات 30-31)

وإذا كان أتباع سيدنا سليمان قلة فلماذا يبنى لهم هيكلاً ضخماً يستغرقُ بناؤهُ سبع سنوات وآلاف من العمال والفنيين والمهرة والمهندسين. وليس من المعقول أن يبني سليمان عليه السلام لنفسه بيتا يستغرق بناؤه ثلاث عشرة سنة، كما جاء في الكتاب المقدس: "وأَمّا بيتهُ فَبَناهُ سُليمانُ في ثلاث عشرة سنةً" (االكتاب المقدس، 1998 :285).

رابعاً : لا يُجمع اليهود على هيكل واحد ، فيهود مملكة السامرة يقولون: أن هيكلهم في مدينة نابلس " شكيم" ، ولا وجود له في القدس ، والبعض الآخر من اليهود يقول إن معبدهم أُقيم في قرية " بيتين" شمال القدس ، والمجموعة الثالثة تقول إن هيكلها أُقيم على تل القاضي "دان". والآن عن أي هيكل يبحث اليهود ، ولو كان هناك أكثر من هيكل فأين هو ؟، فالمعقول هو أن الهيكل أسطورة خيالية ليس لها أثر في الوجود.

خامساً : إن الهياكل التي ورد ذكرها ، لو قلنا فعلاً إنها أُقيمت في تلك الفترات ، فإن مَنْ ذَكَرَهَا أَثبتَ تدميرها تدميراً نهائياً ، حتى مدينة أورشليم خُربتْ وأَصبحتْ خراباً يبابا؛ً بما فيها الهيكل؛ فهيكل سليمان دمره نبوخذ نصر ، وهيكل زربابل وهيكل هيرودس دمره تيطس عام 70م ، فالبحث عن الهيكل عبث في عبث.

سادساً : لو أن هناك هيكلاً كما يَدّعي اليهود، أو أكثر من هيكل، فأين هو ؟ علماء الآثار والمنقبون لم يَدّخروا جهداً في البحث عن الهيكل فلم يجدوا أي مواصفات متطابقة للهيكل المزعوم .

سابعاً : لو فرضنا أن داود عليه السلام أسس للهيكل، وأن ابنه سليمان أقامه ، فإن هذا الهيكل يكون مسجداً لمن آمن بهما وبكل الأنبياء والرسل ، الذين لا يفرقون بين أنبياء الله؛ أي للمسلمين الذين يقولون :

" آمن الرسول بما أنزلَ إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" (البقرة : آية 285)

ولا يكون هيكلاً لتكريس الشرك ، أو يكون هيكلاً لقتلة الأنبياء .

ثامناً : أثبتت دائرة المعارف البريطانية أنه لا يوجد أثر يُبين أو يُثبت أي وجود للهيكل تحت الأقصى، ولو كان هناك هيكلا أو أكثر؛ كما يدعون، فإنه لا أثر له، لأن نبوخذ نصر وتيطس وهدريان وغيرهم دمروا المدينة ودمروا الهيكل وطمسوا كل المعالم.

تاسعاً : المتصفح للتاريخ ، خاصة تاريخ مدينة القدس ، يعلم أن أول من بنى اللبنة الأولى في مدينة "يبوس" ، القدس حالياً ، هو " ملكيصادق " ملك اليبوسيين ، وسميت بهذا الاسم نسبة لجدهم "يبوس"، واليبوسيون هم بطن من بطون العرب ، هاجروا من موطنهم في شبه الجزيرة العربية، واستوطنوا القدس "يبوس" ومعهم الكنعانيون ، وشكلوا أعظم حضارة وبنوا المدن وذلك قبل حوالي 5000سنة ، وبهذا تكون مدينة القدس قد أُقيمت قبل قدوم العبرانيين إلى فلسطين بحوالي 2000سنة ( محاسنة، وآخرون. 2002 : 85)، أي قبل مجيء إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وداود وابنه سليمان عليهم السلام إلى الدنيا . بالإضافة إلى كل ما تبيّن، فإن اليهود عندما تركوا مصر بصحبة موسى عليه السلام؛ فإن موسى عليه السلام توفيَّ قبل دخول أرض كنعان "فلسطين"، وخلفه يوشع بن نون الذي دخل فلسطين محتلاً ، وأول مدينة دخلها مدينة أريحا ، وقتل معظم أهلها ، وحتى داود عليه السلام ، دخل القدس محارباً واحتلها وغيّر اسمها إلى اسم "مدينة داود"، ومن بعده سليمان وبعد سليمان رحبعام بن سليمان وفي عهده انقسمت مملكة إسرائيل إلى مملكتين متحاربتين ، وبعد حوالي ثلاثة قرون ونصف انتهت المملكتان وسُبي اليهود إلى بابل وتشتتوا، ثم عادوا، ثم تشتتوا، وهاهم في القرن العشرين يعودون بحجة الهيكل وبحجة أرض الميعاد وبحجة إعادة بناء مملكة إسرائيل في القدس.

عاشراً : كل الدلائل التاريخية تفيد أن الذي بنى المسجد الأقصى هو يعقوب عليه السلام ، والمدة الزمنية بين يعقوب عليه السلام وسليمان عليه السلام حوالي ألف سنة ، فليس من المعقول أن يقوم سيدنا سليمان عليه السلام بهدم مكانٍ بناه نبي مثله وخصصه للعبادة ، ليقيم عليه هيكلاً .

حادي عشر: أثبت المؤرخون أن هيكل سليمان أو ما يسمى بالهيكل الأول ، وأن هيكل زربابل أي الهيكل الثاني كلاهما تهدما ، ولم يثبت التاريخ هدم المسجد الأقصى ، إلاّ أنه تعرض لبعض الزلازل خاصة في العهد العباسي ، وهذا دليل قاطع على أن مكان الهيكل ليس تحت المسجد الأقصى .

 

الهيكل الثالث :

 

     لا يعترف اليهود بالمسجد الأقصى ، لهذا شكلوا حوالي خمس عشرة منظمة بهدف هدمه وإعادة بناء هيكل سليمان في المكان نفسه ، لأنهم يعتقدون حسب الشريعة الطقسية اليهودية القديمة ، أنه إذا لم يتم إعادة بناء الهيكل في المكان نفسه ، وإذا لم يقدّموا الذبائح الكفارية ، تكون عبادتهم منقوصة ومرفوضة ولن يغفر الله خطاياهم . ورد في الكتاب المقدس :

" وكل شيء تقريباً يتطهر حسب الناموس بالدم ، وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة ".

 ( الكتاب المقدس،1998 : 549)

ومن أهم هذه المنظمات ، جماعة تطلق على نفسها اسم " جماعة أمناء الهيكل " ، وهي جماعة دينية متطرفة تؤمن بإعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى وتؤكد هذه الجماعة بأن مكان الهيكل الذي دمره تيطس عام 70م هو المكان الذي أقيم عليه المسجد                  الأقصى.

 بعد حرب 1967م مباشرة بدأت هذه الجماعة بالحفر تحت المدارس والمنازل والمساجد التي تحيط بمنطقة الحرم القدسي الشريف، بهدف البحث عن هيكل سليمان، وفي عام 1968م ، حفرت نفقاً عميقاً تحت الحرم . وتظهر سياسة هذه الجماعة المتطرفة في قول ديفيد بن جوريون:

             " لا معنى لإسرائيل بدون القدس ، ولا معنى للقدس بدون الهيكل" .

ومنذ عام 1967م يعمل اليهود على تهويد القدس ، وذلك بمصادرة الأراضي وبناء وحدات ومستوطنات يهودية عليها ، وبالمضايقات على سكان المدينة لتهجيرهم وإقامة مستوطنات جديدة محلهم ، ومن مساعي هذه الجماعات اليهودية المتطرفة لهدم                 المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث: حرق المسجد عام 1969م، ومحاولة الحاخام كاهانا إطلاق صاروخ على جبل الهيكل عام 1980م ، وفي عام 1982م قتل اليهودي " هاري جولدمان" اثنين وجرح أكثر من خمسين بالقرب من المسجد الأقصى (شلبي . 1992 : 119).

وفي عام 1996م حث الحاخام " حجاي يكوتنيل " اليهود على الحج إلى جبل الهيكل ، مع أن هذا الأمر يُعد مخالفاً للتقاليد الدينية اليهودية ،وفي العام نفسه اندلعت مظاهرات فلسطينية ضد ما قام به اليهود من فتح نفق تحت المسجد الأقصى ، وفتحت النار على المتظاهرين قتل على أثرها أربعة عشر وجرح العشرات .

وفي عام 2000 اندلعت انتفاضة الأقصى ، بسبب قتل ستة فلسطينيين في المظاهرات التي اشتعلت بسبب زيارة شارون إلى ساحة الحرم القدسي الشريف .

وعلى الرغم من كل هذه الإجراءات ، من قتل وحرق وتدمير وتهجير واستيطان ، لم يتخذ القادة العرب أي إجراء سوى بعض اللقاءات والاجتماعات المفرغة، والتصريحات والكلمات المذابة في الهواء.

 

القدس في سطور:

 

* بنى اليبوسيون مدينة القدس في القرن الثامن عشر قبل الميلاد؛ أي في زمن إبراهيم عليه السلام؛ واليبوسيون هم من العرب الكنعانيين، جاءوا إلى القدس من الجزيرة العربية. وقام ملكهم "ملكي صادق"؛ ومعناه الملك الصادق، كان موحداً لله ومحباً للسلام، شاع صيته بين ملوك المناطق المجاورة، فجاؤوه وأمدوه بالمال والهدايا، وهذا مكّنه من بناء المدينة. وأثناء رحلة إبراهيم عليه السلام من مدينته "أور" إلى أرض كنعان، في الطريق تصادق مع ملكي صادق، وبقيَ فترة في ضيافته في مدينة "يبوس". ومن أشهر حكام يبوس "سالم"، تمكن سالم من توسيع المدينة حتى أُطلق عليها "أور سالم"؛ وكلمة "أور" باللغة الكلدانية تعني مدينة و"سالم" تعني السلام أي مدينة السلام.

* عام 1016 ق.م.، نجح داود في دخول مدينة "يبوس" وأسس مملكته على أحد جبالها، واستمر في الحكم حتى عام 976 ق.م.

* عام 976 ق.م.، تولى عرش المملكة سليمان عليه السلام خلفاً لأبيه داود، واستمر في الحكم حتى عام 936 ق.م.، وكما ورد في الكتاب المقدس أن سليمان بنى الهيكل في تلك الفترة.

* عام 936 ق.م.، أي بعد وفاة سليمان عليه السلام، انقسمت مملكة بني إسرائيل إلى مملكتين: الأولى مملكة يهوذا في الجنوب والثانية مملكة إسرائيل في الشمال.

* عام 721 ق.م.، تمكن الملك الأشوري "سرجون الثاني" من تدمير مملكة إسرائيل.

* في عام 586 ق.م.، تمكن البابلي "نبوخذ نصر" من تدمير القدس، وسبى اليهود إلى بابل، وبهذا انتهى الوجود اليهودي على أرض فلسطين، وكان هذا هو التدمير الأول للمدينة.

* عام 538 ق.م.، تمكن قورش الفارسي من السيطرة على بابل، وبهذا أصبحت فلسطين تحت سيطرته، وسمح للوافدين بالعودة إلى بلادهم، استفاد من هذا القرار اليهود الذين تمكنوا من العودة إلى فلسطين، وتمكنوا من إعادة بناء الهيكل من جديد.

* عام 320 ق.م.، تمكن الاسكندر الأكبر من السيطرة على فلسطين، ثم وقعت فلسطين تحت حكم البطالسة.

* عام 66 ق.م.، تمكن القيصر الروماني "بامبيوس" من دخول فلسطين، واستولى على القدس بعد أن قتل آلاف اليهود.

* عام 70م، تمكن الروماني "تيطس" من دخول القدس ودمرها ودمر الهيكل، ويعتبر هذا هو التدمير الثاني للمدينة.

* عام 135م، تمكن الروماني "هدريان" من السيطرة على مدينة القدس، ودمرها وقضى على اليهود، وبنى على أنقاضها مدينة جديدة أطلق عليها اسم "إيليا كابي تولينا"، وحرم اليهود من دخولها، وبنى مكان الهيكل معبداً وثنياً باسم الإله "جوبيتار".

* في الفترة من عام 267 حتى عام 272م، تمكنت الملكة "زنوبيا" من إعادة سيطرتها على فلسطين، وفي عام 272م استعادها الرومان.

* عام 313م، اعتلى الإمبراطور قسطنطين عرش روما، واعتنق المسيحية، بنى الكنائس، وأول كنيسة بناها هو ووالدته الإمبراطورة هيلانة "كنيسة القيامة" بالقدس.

* عام 395م، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين؛ شرقية وغربية، ووقعت فلسطين تحت حكم الإمبراطورية الرومانية الشرقية.

* عام 638م، دخل المدينة أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، وعندما شاهد البطريرك صفرونيوس الغلام على ظهر الدابة وعمر يمسك بمقودها، بكى "صفرونيوس" وقال لعمر: عرفت الآن أن دولة الظلم ساعة وأن دولة العدل حتى قيام الساعة.

* في فترة الدولة الأموية بنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة.

* عام 754م، وقع زلزالٌ في القدس، فتأثر المسجد الأقصى، وقام الخليفة العباسي المنصور في هذه السنة بإعادة ما تم تدميره من المسجد.

* وقعت فلسطين تحت حكم مصر في الفترة الطولونية وفي الفترة الإخشيدية.

* عام 1099م وقعت مدينة القدس تحت الحكم الصليبي وقتل الصليبيون أعداداً كبيرة من المسلمين.

* عام 1187م، انتصر القائد صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في موقعة حطين، ثم دخل القدس، وعامل الصليبيين معاملة حسنة، وأطلق سراحهم.

* وقعت القدس تحت حكم مصر ثانية في العهد المملوكي.

* عام 1516م، وقعت فلسطين تحت الحكم العثماني.

* عام 1917م، صدر وعد بلفور، الذي طالب بإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين.

* عام 1919م، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تمكن القائد الانجليزي " أللنبي" من السيطرة على القدس، ووُضعت فلسطين كلها تحت الانتداب البريطاني حتى عام 1948م.

* عام 1947م، صدر قرار رقم "181" عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد نص القرار على قيام دولة عربية وأخرى إسرائيلية، في 15/5/1948 قامت الدولة الإسرائيلية، وحتى تاريخنا هذا لم تقم الدولة العربية.

* بعد حرب 1967م تمكنت إسرائيل من السيطرة على كل فلسطين وعلى صحراء سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية.

* عادت صحراء سيناء إلى مصر هزيلة منزوعة السلاح بعد أن وقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام، أما بقيّة آثار حرب 1967م فمازالت قائمة حتى عصرنا هذا.

* قرار 181 المعروف بقرار التقسيم أعطى العرب حوالي 44% من مجمل مساحة فلسطين لقيام دولتهم، ولكنهم رفضوه، ولم يطالبوا بتطبيقه، والآن في 2010م يطالبون بدولة فلسطينية على أقل من 10% من مجمل مساحة فلسطين أقل من 22%.

عقاب الله لليهود :

 

منذ أن خرج اليهود مع موسى عليه السلام من مصر إلى أرض كنعان، وهم يخالفون أوامر الله ، عباداتهم ناقصة ومرفوضة ، قتلوا الأنبياء ، عبدوا العجل ، طلبوا من موسى عليه السلام أن يكون لهم أكثر من إله ، رغم أن الله نجّاهم من فرعون، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى ، قتلوا يحيى و زكريا ، رفضوا دخول الأرض المقدسة بحجة أن فيها قوما جبارين ، عصوا أمر الله فشربوا من النهر إلاّ قليلاً منهم.

قبل ظهور المسيح عليه السلام، اختارهم الله ليكونوا شعبه المختار ، لأنهم كانوا متميزين عن بقيّة الشعوب الذين كانوا يعبدون الأوثان في تلك الفترة ، ولكن بعد رفضهم المسيح، ومطالبتهم من الإمبراطور الروماني بيلاطس صلبه، وكانوا يصرخون بشدة : اصلبه .. اصلبه !.. دمه علينا وعلى أبنائنا "، لم يتمكنوا من قتله عليه السلام لأن الله رفعه إليه، ولم يعودوا شعب الله المختار ، وعاقبهم الله في عهد موسى بالتيه أربعين سنة في صحراء سيناء ، وشتتهم في الأرض المقدسة، لأنهم عاثوا في الأرض فسادا، وآذوا أنبيائهم وقتلوهم، وبعد عهد سليمان عليه السلام دُمرَّ هيكلهم؛ هذا لو كان لهم هيكلاً فعلا، وأصبحت أورشليم خراباً يباباً ، وانقسمت مملكة داود بعد وفاة سليمان إلى مملكتين متصارعتين ، انتهى هذا الصراع إلى زوالهما وتشتتهما( النحوي، 1993: 55 ).

وفي عصرنا الحالي، وأمام السياسة الفلسطينية العربية المتردية واللاواعية، أعلن اليهود دولتهم في 14 أيار/مايو 1948 وفقاً لقرار التقسيم رقم "181"، واعترف بها العالم، حتى بعض الدول العربية بدأت تتعامل مع هذه الدولة كحالة واقعية. والسؤال إلى متى ستصمد هذه الدولة في ظل العداء التاريخي، فإمكانياتها وإن بدت لنا كثيرة، لكنها محدودة ديمغرافياً واقتصاديا وجغرافياً، خاصةً وأن القرآن الكريم بيّن بأن بنو إسرائيل سيعلون في الأرض مرتين، وهذه هي المرة الثانية؛ فهم تجمعوا في فلسطين من أجل نهايتهم كما انتهوا بعد انتهاء مملكتيهما على يد "نبوخذ نصر" و"تيطس" و"هدريان".