...

ما زالت تداعيات افشال حفل الوركسترا الموسيقية الإسرائيلية في صالة Royal Albert الملكية


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

2011-11-13

 ما زالت تداعيات افشال حفل الوركسترا الموسيقية الإسرائيلية في صالة Royal Albert الملكية


بقلم م.مشير قاسم الفرا


'بلندن مستمرة بعد أكثر من شهرين على الحدث. ما جعل هذه  القضية تعود بقوة إلى الواجهة كان القرار التعسفي الذي اتخذته إدارة فرقة الاوركسترا اللندنية بتجميد عضوية أربعة من أعضاء الفرقة لمدة تسعة أشهر لنشرهم رسالة في صحيفة 'الإنديبندنت''يؤيدون فيها المقاطعة الثقافية لاسرائيل، يعلنون فيها أنه كان لايجب على الـ-BBC'أن تدعو الاوركسترا الإسرائيلية للمشاركة في مهرجان الـ-PROMS السنوي و الذي يعد من أفخم النشاطات التي تعكس الرقي الفني والثقافي البريطاني كون هذه الاوركسترا تمثل سفيراً ثقافياً لدولة إسرائيل رغم كل ما تمارسه ضد الفلسطينيين. لم يكن هؤلاء الأربعة ضمن مجموعتنا التي افشلت الحفل ولم يثبت أنهم ايدوا ما قمنا به والدليل أن رسالتهم نشرت قبل الحفل. الغريب في الأمر أن قرار العقاب إتخذ فقط بعد أن تمكن أربعون ناشطاً ، كان لي الشرف أن أكون ضمنهم ، من افشال الحفل وإرغام الـ-BBC على قطع التغطية المباشرة بعد دقائق من بداية الحفل. 
وحسب صحيفة ال-Private Eye اللندنية الشهيرة، والتي وصفتنا بالبلطجية، فإن هذا العقاب جاء نتيجة ضغط شديد من قوة التأثير الصهيوني والتي تدعم الأوركسترا اللندنية مالياً وهذا أغضب الكثير من أعضاء الفرقة وحولهم ممن لا رأي لهم في القضية إلى مؤيدين لموقف زملائهم ، ناقمين على قرار إدارة فرقتهم.

'عودة إلى الحدث نفسه والذي إستمر تنظيمه بسرية شديدة لمدة أربعة شهور وفاق نجاحه الإعلامي كل توقعاتنا نحن المنظمين. الرهبة اصابتنا جميعاً عند دخولنا'إلى الصالة الملكية البالغة الفخامة والتي تتسع لـ 12000'مشاهد، متظاهرين اننا من عشاق موسيقى الفرقة الإسرائيلية،. تمثال الأمير ألبرت'زوج الملكة فيكتوريا خارج الصالة تحيطه الحيوانات التي ترمز لكل مناطق نفوذ'الإمبراطورية البريطانية. 

'الآلاف التي حضرت معظمها مؤيد لاسرائيل، دخلت الفرقة الموسيقية'الإسرائيلية والتي تشكل جزءاً مهماً من الهجوم الإعلامي الإسرائيلي والذي اعتمدته وزارة الإعلام الإسرائيلية 'The Charm'Offence والذي يهدف لتحسين صورة إسرائيل في العالم بعد مذابح غزة'خلال عمليات الرصاص المصبوب.'قائد الاوركسترا الشهير عالمياً 'ذبيان متي' يدخل بعد الفرقة بقليل'كالقائد المظفر، لا شيء يوحي بأي جريمة خلف هذه ألعظمة الواضحة والمظهر'الراقي الذي يخدع حتى من يعرف نصف الحقيقة. لا أحد ممن يستمعون لبث الـ-BBC المباشر سيفترض أو'يشك أن هذه الفرقة الموسيقية الرائعة فنياً، تجوب مواقع الجيش الإسرائيلي أينما كانت لترفة عن جنود الإحتلال وهذا هو سبب ما قمنا به.

هذا العزف الرائع لمقطوعات 'بروخ' و 'البينيث' يخفي وراءه جرائم حرب بشعة مازالت ترتكبها الدولة التي تمثلها هذه الفرقة. تنازعتني في الصالة مشاعر كثيرة شوشت فكري لفترة، فمن'ناحية أحسست بالذنب لإفساد أمسية أناس اوروبيين ذهبوا لسماع موسيقى تخلب اللب ، ماذنبهم أن أخلط السياسة بأمسيتهم. 

من ناحية أخرى ألا تستحق بنات عبد ربو الطفلات الثلاث، أمل، عامان ، سعاد، سبعة اعوام وسمر ذات الأربعة اعوام، اللواتي سرن مع جدتهن'رافعات الأعلام البيضاء بإتجاه إحدى دبابات الجيش الأخلاقي'الذي قتل أمل، سعاد، وأقعد سمر في كرسيها المتحرك إلى الأبد،'ألا يستحقن أن أفشل هذا الحفل لكي يعلم بعض الناس الحقيقة، ماذا عن الجميلةً 'نور' ذات الأربعة اعوام وأختها 'أسيل ديب' ذات التاسعة وصورتهما الجميلة التي تعكس البراءة المطلقة وهما تتبادلان القبلات في أحد أفراح العائلة واللتان قتلتا في الفاخورة بجباليا مع أحد عشر عضواً من عائلتهما داخل منزلهما بصاروخ إسرائيلي وحشي دون ذنب ، ماذا عن المئات أمثالهن، ماذا عن الذل الذي يتعرض له الآلاف يومياً على الحواجز وأمام وخلف جدار الفصل العنصري، هل أنسى بيتي وأرض على الامهم ي     وآلاف البيوت والأراضي الزراعية التي محيت عن الوجود.

'ألا يستحق قريبي الطفل 'عز الدين' والذي قتلته طائرة الإستطلاع الإسرائيلية 'الزنانة' وأعاقت إبن عمه الطفل 'عبدالغني'، رغم تقنيتها التجسسية المذهلة، خلال وقف إطلاق النار وهما يركبان دراجة هوائية، قليلاً من الذكرى.
'ماذا عن الآلاف من صيادي غزة الذين يتعرضون يومياً للإذلال المبرمج والقتل والجرح بصورة منتظمة، ماذا عن المئات من المرضى الذين منعهم جيش الإحتلال وما يزال والذين يموتون الواحد تلو الآخر وتعزف هذه الفرقة ذات'الحضارة المزيفة على الامهم   . ماذا، ماذا، ماذا. فليذهب تحضري إلى الجحيم، ولتذهب امسيتهم وموسيقاهم معه. وقفت مع رفاقي الرائعين حين جاء دور مجموعتنا حسب البرنامج المعد، لنقاطع العزف ، كنت في غاية القلق على رفيقي 'جاذفندر كوشا' الذي أصر على المشاركة رغم وضعه الصحي الحرج فأي ضربة على الرأس، وكان الضرب متوقعاً، ستنهي حياته. 'هتفنا معاً لعدة دقائق ضد الإحتلال وجرائم الحرب الإسرائيلية،'توقف العزف فوراً للمرة السادسة. موقف معظم الحضور المؤيد لاسرائيل كان عدوانياً جداً، احدهم إنطلق نحوي مسدداً لكماته، تلقيتها مدافعاً دون أن أهاجمه رغم رغبة الفلسطيني الخانيونسي داخلي لأن اضعه في حجمه الطبيعي ، وكان بالصدفة صغيراً، ولكن الهدف أسمى بكثير من أن أضيعه بمشاجرة تافهة'كانت ستفسد كل ما سعينا إليه. رجال الأمن، إثنا عشر منهم، أخرجونا بالقوة من الصالة.

'الأوساط الحكومية الإسرائيلية تلقت الخبر بإنزعاج شديد نظراً للتغطية الإعلامية الغير متوقعة للحدث. أكثر ما أزعجهم وحسب الصحافة الإسرائيلية هو العدد الكبير من اليهود المناهضين للصهيونية ضمن مجموعتنا.
'ختاماً لربما كان ما صرحت به الناشطة والمنظمة الرئيسية لهذه المقاطعة الثقافية، 'نعومي ومبرن ادريسي' ، وهي يهودية ،'لجوناثان ديمبلبي في'الـ-B-B-C عندما سألها:'لم اللجوء لأساليب، مختلف عليها، كهذه؟ 'لعشرين عاماً ترجيناكم دوماً أن تعطونا الفرصة لشرح معاناة الفلسطينيين وجرائم الإحتلال الإسرائيلي، ولا مجيب، فقط عندما افشلنا حفلكم الفخم في الصالة الملكية، عندها فقط سعيتم لسماع صوتنا'. ما قالته نعومي وللأسف يمثل الحقيقة فلا عذابات شعبنا المستمرة منذ أكثر من ستة عقود ولا القتل والقهر وإنتهاك أبسط حقوق شعبنا الإنسانية يومياً يحرك هذه الصحافة العمياء بصورة'تعكس فداحة الجرائم الصهيونية.
ت
هامش:
''رغم النجاح الإعلامي ألمذهل، كان هناك مشهداً حزيناً خارج الصالة الملكية، اعتصامان احدهما ضخم جدا،'مؤيد لإسرائيل، أكثر من مئتي شخص، وآخر هزيل جداً، مؤيد'لفلسطين، أقل من ثلاثين شخصا، كلهم ناشطون بريطانيون. السؤال المؤلم والذي يتكرر معنا دوماً، لم لا يشارك المئات بل الآلاف من العرب'و- الفلسطينيين في دعم نشاط مقاوم كهذا وغيره. يا سادة لا أزايد على أحد، فحب الوطن محفور حتى في السيء منا ولكن فلندعم المقاومة وما هذه النشاطات إلا جزءًا منها. 

' كاتب وناشط سياسي من فلسطين