...

الصلاة عادة أم عبادة


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

 

الصلاة عادة أم عبادة

                                                                         بقلم الأستاذ / يحيى نافع الفرا

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف وسيد الخلق أجمعين سيدنا ومعلمنا وقدوتنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه والتابعين إلى يوم الدين أما بعد ،،،

لعل من يقرأ العنوان يعرف الإجابة الصحيحة والتي لا جدال ولا اختلاف فيها مطلقاً  ، ولكن ما يدور في جنبات العقول والقلوب يجعلنا أن نقف مع هذا العنوان وقفة جادة وسببها ما نلمسه ونلاحظه في حياتنا من تصرفات ومعاملات  بين المسلمين في كل مكان وزمان وخاصة فيما بين ما يرتادون المساجد كل يوم خمس مرات وينتظمون في الصلاة في الصفوف الأولى ومنهم من يأتي للمسجد قبيل موعد الصلاة بنصف ساعة أو أكثر قليلاُ ، وتكاد لا تجد منهم من يتغيب إلا الأوقات النادرة والقليلة وللظروف القاهرة ، وما نريد أن ننوه عليه أن يصل الحد في السلوكيات والتصرفات التي تصدر من المسلم المصلي الذي يؤدي أركان الإسلام وأهمها الصلاة في وقتها تصرفات كثيرة من كذب وغش ونفاق ورياء ..... الخ ، ولكن رغم تلك الصفات وغيرها إلا أنني لم أقصدها في هذا المقام وما أقصده هو أكبر من ذلك في وجهة نظري بأن  يتجرأ المسلم الذي يصلي في الصفوف الأولى أن يجعل المسجد ساحة قتال مع أخيه المسلم وأن تصنع الكمائن داخل المسجد ويؤتى بالعصي والآلات المؤذية والحادة لضرب أخيه المسلم الذي يصطف بجانبه يومياً في الصف الأول في عبادة الواحد القهار ويتم الاعتداء والضرب في داخل المسجد دون مراعاة حرمة هذا المكان المقدس ودون خشية من رب هذا المكان الذي جعل للمسجد خصوصية عن غيره من الأماكن ، أين صلاتكم التي تنهاكم عن الفحشاء والمنكر وأين خشيتكم من الله عز وجل وأين قراءتكم لكتاب الله وسنة رسوله الكريم ؟؟؟

قبل أن يكون ذلك جريمة لتعدي على حرمة الله سبحانه وتعالى فإن القتال بحد ذاته مع أخيك المسلم حتى لو خارج هذا المكان فهو محرم وغير جائز لمن يعرف الله حق معرفة ويؤدي العبادات بتدبر وإيمان وليس عادة تعود عليها منذ الصغر ، لأن الصلاة ممكن أن تكون عادة عندما يقوم الآباء والأمهات بحث أبناؤهم منذ الصغر على أداء الصلاة وأن الطفل يقوم بتقليد ومتابعة الحركات في الصلاة التي يرى فيها أبيه ومن هنا تصبح عادة مع تكرارها دون معرفة أهميتها وفضلها كونه ما زال صغيراً على الفهم ولكن مصداقاً لقول رسولنا الكريم بأن نعود الأبناء على الصلاة على سبع سنوات وأن يضربوا على عشر سنوات .

من هنا فقط تكون الصلاة عادة ، ولكن الأساس بالصلاة والعمق الحقيقي لها بأنها عبادة وهي ركن أساسي من أركان الإسلام وهي عمود الدين بحيث إن صلحت صلح سائر العمل ولا يستقيم عمل ولا عبادة بدونها ، وهي الركن الوحيد الذي لا عذر فيه مطلقاً في عدم القيام به .

فلو فهمنا قيمة الصلاة وقيمة المسجد وقدسيته لما تجرأ أحد أن يتجاوز حدوده  أثناء وجوده بالمسجد سواء برفع الصوت أو الاعتداء على المصلين أو الحديث في أمور قد تعتبر غيبة أو نميمة .

نندهش بأن الإنسان عندما يكون لديه مقابلة مع إنسان آخر من بني جنسه ولكنه في مكان أو منصب ما  تجده يحضر نفسه ويكون قلق ومشدود الأعصاب ويحسب ألف حساب ويقوم بتجهيز نفسه ولو تطلب منه الأمر عمل "بروفا" قبل الذهاب لتلك المقابلة فيقوم بعمل ذلك ، ألا أولى بنا بأن نخشى خالق ذلك الإنسان قبل أن نخشى المخلوق وأن نكون خاضعين خاشعين أذلاء لله عندما نقف بين يدي الله نطلب من الرحمة والمغفرة والعفو والعافية .

نعجب من تناقض البشر وعدم الفهم الحقيقي للأمور وبعده الحقيقي عن أصول الدين وتعاليم شرع الله وما هو حلال وحرام أو جائز أو لا يجوز ....الخ .

حتى نصبح عباد لله خاضعين لله فإنه يجب أن تكون العبادة بقناعة وعن علم وفهم لفضلها وأهميتها وعاقبتها التي تؤول بالإنسان عندما يتجاوز حدوده .

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة .