...

الاسقاط .. أساليب قذرة , وأهداف معلومة


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

الاسقاط .. أساليب قذرة , وأهداف معلومة

بقلم: بلال الفرا

18-1-2014م

ما فتأ الاحتلال من محاولاته لاختراق صفوفنا, وزرع سمومه بداخل بيوتنا, وبأحدث الطرق كانت أو بأقدمها فكل الوسائل أمامه مباحة لتحقيق هدف وحيد, وهو جمع المعلومات.

وإن كان يرى البعض -وهو محق- أن في زرع الاحتلال للسم في أجسادنا عن طريق الاسقاط في وحل العمالة تهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي, إلا أن الهدف أكبر من ذلك, وهو إكمال ما نقص من معلومات, والبحث عن معلومة لا يعلمُ عنها شيئاً, كاكتشاف نفق العين الثالثة مؤخراً.

ونظراً للوعي الأمني لدى غالبية الشعب, فقد بات الاختراق أمراً صعباً, إلا أنهم لم ييأسوا في البحث عن فريسة, مستغلين عدة ظروف تطرأ على الشخص المستهدف أو على الساحة بشكل عام.

ومن العجب أن نرى -ورغم الوعي الموجود لدى شباب اليوم- الازدحام على أبواب الاسقاط وإن كان الاسقاط لا يتم, إلا أن الهدف الحقيقي وراء الاسقاط قد تحقق, وبالمثال يتضح المقال: فلقد سادت حالة من الاحباط لدى جهاز المخابرات الصهيونية لعدم قدرته على جمع المعلومات بالطرق التقليدية والتي اعتاد أن يمارسها, وذلك لملاحقة الأجهزة الأمنية كل من يقترب من هذه الشباك, فلجأ إلى "الاسقاط المكشوف" كما أسماه موقع مجد الأمني, وهو عرض العمل مع المخابرات بشكل مباشر وبدون أدنى مقدمات, مستغلاً في ذلك عدة عوامل:

  • نفسية المستهدف: حيث يقف وراء كل اتصال مجموعة من الخبراء النفسانيون يحللون كل كلمة تُنطق, وكل نفس يُأخذ, وحتى كل تنهيدة تخرج من الصدر. وبناء على ذلك يتم استكمال صورة للمستهدف إذا كان يصلح للإسقاط أم لا.
  • حاجة الضحية: كالحاجة إلى المال, أو السفر, أو العلاج, أو حتى الانتقام من شخص أو مجموعة معينة.
  • التهديد: كالقتل أو قصف البيت, أو إلحاق الضرر برأس ماله وتجارته.
  • الابتزاز: عن طريق ورقة رابحة يلتمسها رجل المخابرات, كالمنع من السفر, أو نشر ماضي أسود للضحية, أو التقاط صورة له وهو يستلم دفعة من بعض الدولارات جراء تنفيذ ما طُلب منه آنفاً, وتصبح المساومة بعد ذلك, أن تكمل الطريق أو أن تُستخدم الصلاحيات -الأقوى في نظرك- ضدك.

ومن هنا نجد أن رجل المخابرات يستطيع استخدام وسيلة أو أكثر, وعامل وأكثر على نفس الشخص, سائراً به في طريق معتم, نهايته الإعدام حتى لو طال الزمن.

الأساليب التي تستخدمها المخابرات:

  • الاتصال عن طريق الجوال, وتنقسم إلى:
  • اتصال عن طريق اسطوانة الرد الآلي أو رسالة: وهذا لا خوف منه, وعادة ما تكون الأرقام المطلوبة عشوائية, وعن طريقه يتم عرض مجموعة امتيازات, بأن تقدم معلومات عن (مكان شاليط مثلاً) مقابل مبلغ مالي ضخم, وهم في العادة لن يعطوك عشر المبلغ المذكور –هذا إن أعطوك أصلاً-
  • اتصال عن طريق رجل المخابرات برقم عشوائي: حيث أن عمل ضابط المخابرات هو تصيد الناس, فما من مشكلة عنده في أن ينهي فترة دوامه بالكامل وهو يتصل على أرقام عشوائية ويعرض عليها العمالة بشكل علني, أو مبطن, علّه يخرج في نهاية يومه أو أسبوعه بوقوع أحد الضحايا فريسة عنده.
  • اتصال عن طريق رجل المخابرات بشخصك أنت: وهو الأمر الخطير فعلاً, حيث أن الأرقام المطلوبة عادة ما تكون مستهدفة لظروف تم رصدها سلفاً لصاحب الرقم, ومن خلالها يستطيعون الدخول إلى الضحية, وهنا يجب التفرقة بين أن تكون مستهدف لشخصك, أو أن يكون الاتصال على رقم عشوائي, حيث أنه إذا كنت أنت بعينك المستهدف, فهذا يعني أن لديك أمراً يفيد المخابرات, إما لحاجة عندك, أو لهدف عندهم لا يأتي إلا عن طريقك.
  • التكنولوجيا: وتنقسم إلى:
  • الصفحات الاجتماعية على الانترنت: وهي صفحات ملغمة يقف وراءها عشرات الخبراء من ضباط المخابرات, كصفحة "أفخاي أدرعي" على سبيل المثال.
  • رسائل البريد الإلكتروني: وهذا يشبه إلى حد ما أسلوب "ب" سابقاً.
  • عميل تم اسقاطه سابقاً: وهذا الأسلوب لا يتم إلا بحذر شديد, حيث يتم اسقاط الضحية في فخ العمالة عن طريق عميل آخر, وعادة ما يكون هذا الأسلوب بين الجنسين, كإسقاط "عميلة" لشاب, أو "عميل" لفتاة, ويكون الحذر في ذلك لخوفهم من انكشاف الأمر قبل اتمامه.
  • المحادثة الوجاهية: وتكون أثناء ذهاب العامل من غزة إلى داخل الأراضي المحتلة للعمل, ولقد نجح ضباط المخابرات فعلاً بإسقاط العديد, وهذا سابقاً, أما حديثاً فإنه يكون أثناء السفر عن طريق أحد المعابر التي تربطنا بهم, حيث يقوم ضابط المخابرات بالجلوس مع كل شخص يريد السفر من وإلى فلسطين, وكثيراً ما يتم من خلاله الاعتقال أو الإسقاط.

وهذا مجمل الأساليب, حيث أن المخابرات لا تُعدم أساليب المكر والخداع, فكل يوم يأتون بجديد.

ماذا يفعل ضابط المخابرات بعد الاسقاط؟

تحاول المخابرات جمع أكبر قدر ممكن من أوراق الابتزاز, حتى لا تستطيع التفكير في التوقف عن المراسلة, والرد على اتصالاتهم, فهم أولاً يسجلون كافة المكالمات, ويصورون كافة العمليات, ويرصدون كافة التحركات, لتصبح بعد ذلك مقيداً في شراك قد أعدوه سلفاً, فلا تعد قادراً إلا أن تقول "نعم" لأوامر الضابط.

قصص وأمثلة من بعض من سقطوا:

الحب طمس البصيرة

حادثها على الانترنت على أنها فتاة من غزة, لتزيد علاقته بها ويطلب مقابلتها, فتوافق ويكون اللقاء بالقرب من الخط الفاصل ما بين قطاع غزة وأراضينا المحتلة, ولشدة هيامه بها لم يفكر للحظة في خطورة المكان أو سبب اختياره, فما كان منه إلا أن ذهب ليجد نفسه معتقلاً في أحد جيبات الهمر, ليوصلوه إلى بيت من راسلها ليكتشف أنها ابنة لرجل مخابرات صهيوني, فقامت باغتصابه –على حد قوله- ليكون ذلك بداية اللا عودة عن الطريق, فيكمل طريقه معها ليجد أن المطالب زادت وأنه لم يعد قادراً على الرفض, فتارة يغروه بالمال, واخرى يبتزوه بلقطات الفيديو مع تلك الفتاة, لينتهي به المطاف معتقلاً في سجون الأجهزة الأمنية بقطاع غزة, بعد عدة أعمال قام بها أدت إلى كشفه.

 

الجهل والسقوط الأخلاقي سبب في السقوط الأمني

كباقي العمال, كان يعمل في الداخل المحتل ويصرف على أهله, حتى تعرف عليها- وهي يهودية من أصل أوروبي- وبدأ مرحلة التعلق بها, فتعرف بأهلها, ولم تكن هناك ممانعة من قبلهم لاصطحابها في نزهات مرح وفرح, حتى جاءت لحظة غسيل الدماغ, فقد أخذته الفتاة - وهي ابنة لإحدى شخصيات الموساد- أخذته إلى أبيها ليشرح له الدولة اليهودية, ومدى ظلم الفلسطينيين لها, وأن العرب يكرهون اليهود, وأنهم في دولتهم مسالمون...الخ, حتى بات مقتنعاً تمام الاقتناع بيهودية الدولة, حاقداً على العرب والفلسطينيين, فصار يعمل - طوعاً- لهم, ويضحي من أجلهم, ويجند العملاء لخدمتهم, وينفذ ما يؤمر, ويتلقى التدريبات الخاصة في مواقعهم العسكرية, ولما استطاعت إحدى الفصائل المقاوِمة الامساك به, والتحقيق معه اعترف, فعرضوا عليه تنفيذ عملية استشهادية في الضابط الذي يسيّره ليكون ذلك تكفيراً له عن عمالته, فأبى واستكبر وأظهر علامات الحب والمودة لليهود, لينتهي أمره مقتولاً, وعلى عمود الكهرباء مربوطاً.

 

الغباء في ردة الفعل وتقبل الصدمات

اتصلوا عليه, فلما أجاب: ألو ..

المخابرات: أحمد .. كيف حالك .. من زمان ما طليت علينا .. نسيت كل العِشرة ولا شو ؟؟

وقبل أن يجيب أحمد

المخابرات: أحمد .. بس بالعجل الله يخليك, شوفلي هداك اللي ماشي قدام داركوا, ماش هادا سعيد ؟؟

وعلى الفور خرج أحمد لينظر من شرفة المنزل, ويقول: لا .. هادا معاذ ابن عمي . . .

انتهت المكالمة, وتم قصف معاذ, حيث كان الهدف من كل المكالمة هو التأكد من أن الذي يسير في الشارع هو معاذ أم لا؟ فلجأوا إلى هذه الحيلة ليجيب أحمد بكل سذاجة وغباء عن السؤال قبل أن يسأل هو: من أنت؟ ولم تريد أن تتأكد؟ وإذا كنت تراه فلم لا تذهب أنت وتتعرف إليه؟

- مع العلم أن الأسماء رمزية-

 

السذاجة في تقبل المسلّمات

قبلت صداقتها على الفيس بوك, ولم تكن تعرفها, ولما حاورتها ارتاحت لها, فهي نعم الصديقة, حتى أنها أفضل من كثير من الصديقات التي  تعرفهن في الحقيقة, وبقيت الحوارات بريئة والدردشات حنونة حتى جاء اليوم الموعود, لتكتشف بعد شهور عديدة أنها تتحدث مع رجل وليس فتاة, وأن هذا الرجل هو في الحقيقة رجل مخابرات, ولحسن الحظ, سارعت الفتاة لإخبار من هم أهل للثقة, فتم إرشادها لكيفية الخلاص من هذا المأزق, لتنتهي قصتها معه بسلام وأمان.

 

من هذه القصص, يتبين لنا أن ضابط المخابرات لا تنقطع الحيل أمامه لجلب المعلومة, وأن الهدف الجلي هو إكمال بنك المعلومات طرفه, وأن ضحاياه هم: الساذجون والمتطفلون, وأصحاب الحاجات, والجاهلون.

كيف السبيل إلى النجاة ؟؟

  • أولاً لا بد وأن لا تتعرض لكل وسائله, فالوقاية خير من قنطار علاج.
  • لا ترد على أي رقم دولي, أو غريب, فعادة ما تكون منهم.
  • إن تلقيت رسالة عن طريق الجوال أو بالبريد, فلا تبقها عندك, قم بحذفها فوراً.
  • إن تلقيت اتصالاً دولياً وكان لك أقارب في الخارج واضطررت إلى فتح الخط, فلا مشكلة من إقفاله فور معرفة أن المتصل لا يعنيك, فرجل المخابرات دائماً ما يستغل التطفل لدى الضحية في إسقاطه, فأغلق هاتفك, ولا تدع له مجالاً للتحدث.
  • إن حدث وخضت فيما لا ينبغي, كأن حادثت رجل المخابرات, فاعلم أنه لن يكل من ملاحقتك والتواصل معك, ولكنه لن يؤذيك, اترك التواصل معه مباشرة, واقطع سبل التواصل بينك وبينه, استبدل جوالك, وغير حسابك على صفحات التواصل, حتى لا يزيد الخطر, وتزيد المشكلة.
  • إن كانت المشكلة أكبر من ذلك, كأن بدأت التعامل من حيث لا تدري, ووجدت نفسك أمام طريق اللا عودة, فاعلم أنه لا يوجد طريق بعنوان "لا عودة" وأن التوقف عن التواصل أي كان ما وصلت إليه في التعامل هو الأسلم دوماً, فلا شيء أبشع من أن يزيد التورط أكثر من ذلك فينتهي الأمر لترى عميلاً قد علق على عمدان الكهرباء, أو تم سحبه عبر الدراجات النارية أمام الناس, لذلك فإن التوقف أسلم من أن تصل إلى هذه النهاية.
  • إن مواجهة التهديدات أمر سهل لمن سهل الله عليه, فالأصل في رجل المخابرات هو الوصول إلى معلومة لا أن يؤذيك, وما هذه التهديدات إلا أساليب ماكرة لتقع فيها, لذلك حاول ألا تكترث بما يقول, حتى وإن نفذ وعيده, فهو على الأقل أشرف من أن تصبح خادماً له.
  • إياك والثقة الزائدة, فثقة الوالد بابنه وتأخره عن البيت, أو بقائه في الغرفة وحيداً أمام شاشة الحاسوب, هو فعلاً أمر مقلق, حاول أن تعرف ما يدور داخل عقل ابنك بمحاورته, وابداء النصح له, كي لا يقع في المحظور.
  • في كافة الأحوال, يجب إبلاغ الجهات المختصة بالأمر, حتى ولو كان مجرد اتصال أنت أغلقته ولم تجب عليه, فبإبلاغك بالأمر قد يُكمل دائرة معلومات طال انتظار إغلاقها ومعرفة كافة جوانبها, فلا تستهين بالأمر وبلغ فوراً.

أخيراً

فإن ضابط المخابرات "كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ" وهو كذلك حين يقول للإنسان "وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي" وبما أنه من المستحيل أن يصبح العميل عميلاً مباشراً إلا بتسلسل المحادثات بينه وبين ضابط المخابرات, لذلك حاذر أن تفتح معه مكالمةً البتة, حتى ولو لمجرد ثواني, أغلق الخط, واقطع التواصل, ولا تدع الفضول يدفعك إلى الهلاك.